شيخ العقل يرحّب بزيارة البابا: حصرية السلاح ضرورية لإعادة الاعتبار الى الدولة
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Oct 26 25|00:56AM :نشر بتاريخ
ايكو وطن - نسيب زين الدين
رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى أن الوطن يحتاج اليوم الى جميع طاقاته على المستويات كافة للنهوض وعودة الأمل اليه والثقة به، معتبراً أن "شعار الشراكة الروحية الوطنية الذي أطلقناه، وأي مبادرة مثيلة تعكس الايمان الفعلي بالبلد، وتعزيز التضامن الداخلي المطلوب، ودعم الدولة هي عناصر قوة لبنان، في ظلّ التحديات والضغوط السياسية والمخاطر الأمنية التي تواجهه راهناً". ودعا أركان السلطة الى رؤية موّحدة وعمل مشترك مع المجتمع الدولي لتجنيب الوطن حرباً جديدة، واصفاً زيارة البابا لاون الرابع عشر بأنها ستكون بمثابة دعم للبنان.
كلام شيخ العقل جاء في حديث اذاعي ضمن برنامج "صالون السبت" على اذاعة "الشرق" مع الزميلة وردة، استهله بالقول: "نأمل بصباح جديد ومشرق للوطن وبأن تبقى إرادة الحياة اقوى، وهذا ما نعمل عليه مع الأخوة في القيادات الروحية ومع القيادات السياسية، رغم كل ما يحيط بنا من تحديات وإنذارات وتهديد". وشدد على اهمية الشعار الذي طرحه "الشراكة الروحية والوطنية" الذي "نغلّب من خلاله أيضاً مبدأ الجمع على موضوع الفرقة والتباعد، اذ لا بد من مبادرات في هذا السياق لأجل بناء المستقبل، وسط الاجواء المقلقة والتحديات، وعلى كل إنسان ان يبادر من موقعه، كما المسؤولون والرؤساء والقيادات السياسية، كلٌّ بحسب دوره، لإيجاد قواسم مشتركة للحلول والمعالجات لنتطلع من خلالها نحو مستقبل مشرق. اننا من موقعنا الروحي نبادر الى ذلك، وعندما أطلقنا عنوان الشراكة الروحية الوطنية مظلة الإصلاح والإنقاذ، حاولنا اعطاءه البعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي أيضاً".
وأكد "العمل مع الرهبانية اللبنانية المارونية لتوقيع اتفاقية تعاون مشترك للتنمية الاقتصادية في الجبل، وقد خطونا بذلك خطوات سيُعلن عنها في الخامس من تشرين الثاني المقبل في لقاء جامع في دار الطائفة، بحضور العديد من النخب والشخصيات الوطنية. نطلق المشروع الأول في الجبل على أرض تابعة لأوقاف الرهبانية اللبنانية المارونية، كمقدمة لمشاريع أخرى على أراضٍ وقفية درزية ومارونية وغيرها، بما يفتح المجال أمام العائلات الروحية الباقية لتكرار هذا النموذج. الهدف هو التنمية الاقتصادية، وتثبيت الناس في أرضهم، وإعادة المهاجرين والمهجرين كي يشكلوا قوة مشتركة في بناء هذا الوطن وفي التنمية المطلوبة، لبنان يُبنى بالشراكة وبالأمل وبالعمل المشترك، لا باليأس والانقسام، والإصلاح ايضاً يبدأ بالمبادرات، كل من موقعه ومن كل طائفة ومع كل إنسان مؤمن بوطنه".
ونوّه "بالصناعة الوطنية وبالإنجازات اللبنانية، فالأمل بالشباب المتخصص والمثقف والمتعمق في التكنولوجيا والاختصاصات لتطوير بلدهم، الذي يحتاج إلى طمأنة ورعاية الدولة"، مؤكداً أن "لبنان ليس ضعيفا بأدمغته وطاقاته وقدرات ابنائه الفائقة. لذا، من الضروري الاستمرار والمتابعة وعدم التراجع وتضافر الطاقات جميعها. عندما أطلقنا مشروع الشراكة الروحية الوطنية بالتشاور مع كبار المسؤولين، لم يكن هدفنا خاصا وانما وطني عام، وكانت هناك ندوتان في عاليه وحاصبيا لتعزيز هذا المفهوم والتأكيد على ضرورة التعاون لتثيبت أسس الدولة وتفعيل مؤسساتها، والآن نطرح المشروع الاقتصادي الاول في الجبل ايضا لكي يستقطب رجال أعمال وأصحاب رؤوس أموال، علّنا نساهم في البناء المطلوب، وهذا تحدٍ ونحن نرفع التحدّي ثقافيا وعملياً على الأرض".
واذ نبّه شيخ العقل على التوترات المتصاعدة التي يعيشها لبنان والمنطقة، شدد على "أهمية المبادرات الوطنية الجامعة المنطلقة من اسس الحوار والإيمان الوطني كسبيل لإنقاذ لبنان، وعلى أهمية التضامن الداخلي والشراكة والوحدة، في مواجهة تلك الضغوط والتهويلات الخارجية، لا سيما بين القيادات الروحية والسياسية عموماً".
وأثنى على "الخطوات الآيلة الى تجسيد رسالة لبنان الحضارية"، مشيراً في هذا الاطار إلى "أهمية زيارة قداسة البابا لاوُن الرابع عشر المقررة إلى لبنان، بما يمثل من رمز عالمي وروحي، تأكيداً على مميزات لبنان الحضارية وعلى التلاقي والحوار". ورأى أن "إسرائيل تمارس شتى انواع التهويل الإعلامي والسياسي والعسكري بهدف الضغط على لبنان، ومنع إعادة الإعمار فيه والقبول بالشروط المفروضة عليه، وكل ذلك يتطلب في المرحلة الراهنة تماسكاً داخلياً، ورؤية موحدة بين القوى اللبنانية، وتفعيل دور الدولة، بدلاً من انتظار الظروف الخارجية".
وحول سلاح "حزب الله" ودور الدولة بهذا الخصوص، تساءل شيخ العقل: "كيف ستصبح الدولة قوية إذا بقي فريق ما مسلحاً خارج سلطتها؟ فحصرية السلاح ضرورية لإعادة الاعتبار الى الدولة، ولكن الأمور في لبنان تحتاج الى حكمة في التعاطي، وعلى الكل أن يقدّموا التنازلات وأن يتقدّموا إلى الأمام، أما مقولة: عندما تصبح الدولة قوية نسلِّم سلاحنا، وعند الاتفاق على استراتيجية دفاعية، وما شابه، فهذه الشروط يمكن أن تنسحب على عناوين أخرى، ولو كانت أقل أهمية، في التربية، في الاقتصاد، في الأمن الداخلي وفي العلاقات الخارجية، اذ لا يمكن التقدم والتطور إن لم نساهم ونساعد الدولة على بسط سلطتها في جميع المجالات، واذا بقينا ننتظر ظروفا معينة، مع ادراكنا لحجم التحديات الامنية والمخاطرالحربية المتأتّية من اسرائيل، فالتصعيد الإسرائيلي هدفه الضغط على لبنان ومنع إعادة الإعمار قبل إخضاع لبنان لشروط اسرائيل، وبالتالي منع حزب الله من إعادة تكوين قوته، كذلك الامر بالنسبة الى التصريحات والرسائل الخارجية، التي اعتادها لبنان".
أضاف: "في المقابل فان الحلول المطلوبة لا تكون من خلال التبعية والولاء للخارج، بل في الوحدة الداخلية، وتكوين الرؤية المشتركة بين اركان السلطة والمسؤولين. اذاً، علينا بالواقعية في التعامل، والضغط الدولي على إسرائيل لكبح أطماعها التوسعية، وبالعمل التعاوني المشترك بين الدولة والدول صاحبة القرار، وبالاعتماد على الوساطة الاميركية لتحقيق التوازن المطلوب. من هذا المنطلق يمكن أن نقابل تلك الضغوط برؤية مشتركة وإرادة مشتركة لبناء الوطن، بوجه إسرائيل، التي تمثل الخطر الحقيقي للبنان والمنطقة، كما ان وحدتنا الوطنية تبقى السلاح الامضى لمواجهة أي مشروع خارجي".
ورأى أن المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بخصوص التفاوض والسلام باعتبار الأمر ليس تطبيعا وانما وسيلة لاسترجاع الحقوق، "كلام متقدم يعتمد الدبلوماسية الهادئة ويسعى الى تجنيب لبنان التصعيد، طالما هناك ضمانات أميركية ووساطات عربية، للحفاظ على الاستقرار في لبنان"، مشيراً الى تقديره الكبير للرئيس نبيه بري "الذي يقف عادة في موقع الوسط والاعتدال، وان كان تصريحه الأخير عن عزل الطائفة الشيعية في موضوع انتخابي يثير الاستغراب، ولكن ربما له مبرراته".
وقال الشيخ أبي المنى: "لبنان لا يمكن أن يُدار بالفرض أو بالقوة، بل بالحوار بين جميع الأطراف، والحوار هو السبيل الوحيد لحل الخلافات السياسية وغيرها، والرئيس عون كان محقّاً عندما دعا إلى الحوار، الذي يجب ان يكون جديا وواضحا، لا مجرد كلام بل يفضي الى نتائج. وهذا الامر يستند ايضا الى اتفاق الطائف ومن الضروري المحافظة عليه لأنه يحمي لبنان من الانقسام والفوضى، لكن المشكلة أنه لم يطبق بالكامل. علينا بتطبيق بنود الطائف ومواده كافة، وخصوصاً في ما يتعلق ببندي انشاء مجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية. كي لا يبقى النظام عندنا هشاً ومعطلاً أحياناً. آخذين في الاعتبار تعقيدات الوضع اللبناني والمطالب والهواجس المتنوعة، من هنا يجب تقديم تنازلات متبادلة من الأطراف كافة، للوصول إلى الحلول المرتجاة، بعيداً من التصلّب بالمواقف، وبالحكمة والمرونة، لتجاوز الأزمات على طريق بناء الدولة المنشودة، وبعيدا ايضا من الوعود الكلامية لدى السياسيين خصوصاً، وانما بالعمل الفعلي، لأن الوعود من دون تنفيذ تُفقد ثقة الناس بالدولة".
أضاف رداً على سؤال: "الطوائف نعمة وليست نقمة، متى التزمت بمرجعية الوطن، وهي عامل استقرار ايضا، وبناء للوطن، أما إذا كانت تنفّذ أجندات خارجية فانها تهدم الوطن، وعلى الدولة حماية حقوق الطوائف. ومن غير الجائز ابداً ان تستهدف اي طائفة لبنانية طائفة أخرى، فهذا يزيد من الانقسام ويشوّه الواقع الذي بُني على اساسه الوطن من التنوع والتعددية، وهذا غير وارد وغير موجود، فلا يرضي اللبنانيين اطلاقاً بأن يستهدفوا بعضهم، ولا يجوز أن تكون الطائفة الشيعية مستهدفة من الداخل أبداً، وإن استُهدفت ربما من الخارج".
وعن واقع السويداء الانساني، لفت شيخ العقل الى الخطوات التي "جرت من قبلنا، كما الدور الإنساني لوليد بك جنبلاط الذي قام ويقوم بواجبه الإنساني تجاه السويداء ايضا، تعاونا مع الهلال الأحمر السوري، وهذا التضامن الدرزي – الدرزي العابر للحدود هو فعل ايماني، خصوصاً بعد الذي حصل في المدينة. والمسألة ليست سياسية فقط، بل قضية إنسانية ووجدانية بين أبناء الطائفة"، متمنياً "لو كانت سوريا موحدة لجميع أبنائها، وديمقراطية ومتطورة". وأكد أن "طائفتنا لم تكن اصلا الا عربية اسلامية، ما نريده هو الإسلام المعتدل الذي يحفظ حقوق الجميع، واحترام التنوع الديني الذي هو غنى فيها"، معتبراً أن "ما جرى في السويداء جرائم موصوفة لا يمكن تبريرها، وليست مجرد أخطاء كما وصفها البعض في الدولة السورية. وتبين لاحقاً أن ما حصل قد يكون جزءاً من مخطط تفتيتي، لاستدراج السوريين إلى صدام داخلي، واننا ننتظر نتائج التحقيق والعدالة والمحاسبة".
وأشار الى أن "سوريا تمر بمرحلة جديدة من الاحتضان العربي والدولي، مما قد يفتح باباً لإعادة التواصل الرسمي والشعبي وإلى الحوار بين الدولة السورية وابناء الوطن بخصوص الضمانات المطلوبة لإدارة شؤونهم وتأكيد انتمائهم الى الوطن، مع تقديم الضمانات لأبناء جبل العرب. وكما رفضنا سابقا نحن ووليد بك جنبلاط فكرة تحالف الأقليات، التي رُوّج لها سابقا كحماية للمسيحيين أو الدروز أو الشيعة فاننا نرفض هذا الامر اليوم، والحل هو في الانتماء الى الدولة الجامعة، لا إلى التكتلات الطائفية، نحن مع منطق الدولة التي نكون جميعنا فيها أكثرية، الدولة ثم الدولة، التي تبقى المظلّة الوحيدة لشعبها".
وعن تأرجح لبنان بين الحرب والسلام، أبدى شيخ العقل خشية من امتداد الحرب من غزة إلى لبنان، بسبب تمادي إسرائيل وعدوانيتها، موضحاً أن على السلطة الخروج بموقف لبناني موحّد في ما يتعلق بردع أي عدوان محتمل. وقال: "اننا نتطلع بأمل نحو سلام منشود رغم الغيوم السود، وعلينا بالوحدة الداخلية التي هي الضمانة الوحيدة، ومن الطبيعي ان نعوّل على الضغط الدولي وعلى دور قداسة البابا والفاتيكان كرموز داعية للسلام، من اجل تفادي حرب جديدة على لبنان".
واذ شدد الشيخ أبي المنى على "اهمية حوار الأديان والحضارات، كسبيل لترسيخ السلام العالمي، خصوصاً في عالم تسوده التكنولوجيا، بما في الامر من تحديات غير مسبوقة ومكمن التحدي الأكبر اليوم، بعدما اصبحت التكنولوجيا تتحدى جوهر الإنسان، وتطرح سؤالًا وجودياً: أين موقع الإنسان في عالم الآلات والذكاء الاصطناعي، بل بين الروح الإنسانية والتطور المادي المفرط؟"، اعتبر أن "علينا اذاً بالعودة الى الاصول وبان نستقي من معين الاديان ونسمع صوت الحق لإقامة القسط والعدل في هذا العالم".
وحول شعار الشراكة الروحية والوطنية، رأى أنه "مسار طويل ورافعة روحية ووطنية اضافة الى اقتصادية وتنموية على طريق بناء الوطن، وتلك تجربة مهمة، سنوقع الاتفاق في الخامس من الشهر المقبل بحيث تكون المدماك الاول لمشاريع أخرى وربما لشراكة مع طوائف اخرى وليس فقط بين مشيخة العقل والرهبانية المارونية، وسيعمل بذلك اصحاب الاختصاص ومن الطوائف طافة، تعزيزاً لمصالحة الجبل. نحاول جهدنا ونريد الحياة للوطن، ودعواتنا ترتفع دائماً لتعزيز الوحدة وبث الروح الوطنية".
وحول مشروع الرئيس عون، قال: "ان خطاب القسم لفخامة الرئيس طرح عناوين تحمل الامل للبنان، نأمل ان يتحقق لخير هذا البلد".
وختم شيخ العقل بخصوص زيارة البابا للبنان، بالقول: "ننتظر الزيارة بأمل ورغبة آملين أن تكون زيارة جامعة ومباركة على طريق سلامة لبنان وقيامنه، وبما يؤكد على رسالة الوطن ووحدته، والزيارة ليست فقط كنسية، بل لدعم الوطن وتعزيو الشراكة الروحية الوطنية فيه".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا