افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025

الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Dec 30 25|09:04AM :نشر بتاريخ

"النهار":

تختصر الأيام الأخيرة من السنة اللبنانية بانتظار ثلاث محطات وشيكة، يُرجح أن تشكل بمعطياتها ونتائجها مؤشراً كافياً للاضاءة على طبيعة إطلالة لبنان على السنة 2026. المحطة الأولى التي يبدو لبنان معنياً بها بقوة بدأت البارحة مع لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا، بحيث يفترض أن لبنان كان من ضمن النقاط الأساسية التي تناولتها محادثاتهما، والتي ستترتب عليها طبيعة الخطة الإسرائيلية للتعامل مع لبنان في السنة الطالعة من ضمن رؤية أمنية وسياسية واقتصادية شاملة لمناطق الحروب التي خاضتها وتخوضها إسرائيل في المنطقة. المحطة الثانية يُرجح أن يكون موعدها في الخامس من كانون الثاني المقبل، بحيث يطّلع مجلس الوزراء على التقرير الرابع لقيادة الجيش حول مآل ونتائج تطبيق المرحلة الأولى من حصر السلاح في جنوب الليطاني، وهو تقرير يكتسب أهمية حاسمة في ظل احتمال أن يثبت إنجاز تنظيف المنطقة برمتها من السلاح غير الشرعي ولا سيما منه سلاح "حزب الله". ربطاً بالمحطة الثانية، ستكتسب أيضاً المحطة الثالثة المتمثلة باجتماع لجنة "الميكانيزم" في السابع من كانون الثاني المقبل دلالات مهمة، لجهة الموقف الذي قد يصدر عنها في حال إنجاز حصرية السلاح في جنوب الليطاني.
وهذه الأبعاد للمحطات الثلاث كانت ماثلة في لقاءات ومواقف رئيس الجمهورية جوزف عون أمس، حيث التقى رئيس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة "الميكانيزم" السفير السابق سيمون كرم، وتم البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر عقده في 7 كانون الثاني .
كما برزت في المواقف الدفاعية التي أطلقها رئيس الجمهورية عن المؤسسات العسكرية والأمنية التي اعتبر أنها "تشكل خط الدفاع الأول عن لبنان، ومن الواجب المحافظة عليها وعلى التنسيق القائم في ما بينها لتثبيت الأمن والاستقرار فيه". وخلال استقباله وفود المؤسسات الأمنية والعسكرية لمناسبة تهنئته بالسنة الجديدة، أكد الرئيس عون "أن التاريخ أثبت أن الجيش اللبناني أنقذ لبنان مرات عدة، وسيثبت المستقبل أن الجيش هو المنقذ الوحيد للبنان لأنه المؤسسة الوحيدة التي تعمل لمصلحته بعيداً عن الاعتبارات السياسية والحزبية والطائفية".
وخاطب العسكريين قائلاً: "أنتم العمود الفقري للبنان ولا أحد يستطيع إلغاء إنجازاتكم، على رغم محاولات البعض انتقاد الجيش والمؤسسة العسكرية والتنظير عليها. فالمؤسسة تقوم بدورها وواجباتها بشكل ممتاز وعلى كل مساحة الوطن وبكل أمانة وإخلاص وبالتنسيق مع كل الأجهزة الأمنية". وإذ شدد على أهمية أن تبقى الوحدة الوطنية ومصلحة لبنان فوق كل اعتبار، تمنى "أن يشهد العام المقبل ترسيخ الاستقرار ودولة القانون والمؤسسات وأن يندمل جرح الجنوب النازف وتحرير الأسرى وكامل الأراضي اللبنانية".
وبدا لافتاً أن الرئيس عون سارع أمس إلى توقّيع مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع وأحاله على مجلس النواب. وأعلن رئيس الحكومة نواف سلام أن المشروع "سيسلك طريقه اليوم إلى مجلس النواب وسننشر نسخة منه على الموقع الرسمي ليتسنى للمواطنين جميعاً الاطلاع عليه". وجدّد توضيح المشروع، فاعتبر أنه "سيدفع أموال المودعين من دون نقصان ويفرض غرامات على من حوّل الأموال إلى الخارج وعلى من استفاد من الهندسات المالية".
وقال: "هذا القانون ليس مثاليًا لكنه الأفضل ولا نبيع اللبنانيين أوهامًا ولا نخفي حقائق". وأكد "أننا منفتحون على أي اقتراحات تحسّن المشروع".
وفي التحركات الديبلوماسية المتصلة بالوضع في لبنان، برز ارتفاع وتيرة الانخراط المصري على خطي الديبلوماسية والتعاون النفطي. وقد شاء السفير المصري في لبنان علاء موسى أن يوضح طبيعة تحرّك بلاده، فعقد مؤتمراً صحافياً أكد فيه "اهتمام مصر الدائم بالوضع اللبناني، إزاء ما يتعرض له لبنان من تهديدات في الجنوب والعديد من مناطقه". وأكد أن "توجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكل المسؤولين المصريين، العمل على خفض التوتر. وفي السياق، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في الآونة الأخيرة اتصالات عديدة مع مختلف الأطراف الرئيسية المعنية بهذا الملف سواء في الإقليم أو خارجه، وستواصل مصر جهودها في الفترة المقبلة، بالتنسيق مع الشركاء للتوصل إلى التهدئة"، متمنياً أن "تنخفض حدة التوتر في الفترة المقبلة، علماً أن هناك اقتناعاً بأن عدم بذل مزيد من جهود التهدئة قد يحمل عواقب وخيمة إلى لبنان، من هنا، يجب العمل ونستمر في العمل للتوصل إلى التهدئة وخفض حدة التوتر". وأشار إلى أن "هناك اتفاقاً رئيسياً هو اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 لوقف الأعمال العدائية، ولا بد من تطبيقه من مختلف الأطراف. كما أن هناك القرار 1701 لا بد من تطبيقه أيضاً، وبالتالي هذا هو مرجعنا في تواصلنا مع مختلف الأطراف، على أمل أن تحمل الفترة المقبلة تحسناً على هذا المستوى".
وأوضح أن "كلامه لا يحمل في طياته أي إنذار او تحذير، جلّ ما في الأمر أن هناك اتفاقات تم توقيعها ومرجعيات يستند إليها الجميع، وهذه المرجعيات والاتفاقات يجب تطبيقها من الأطراف كافة".
أضاف: "نحن نرى أن الدولة اللبنانية قامت بدور مهم، وكذلك الجيش اللبناني في الجنوب، مع العلم أن هناك إجراءات يجب القيام بها مستقبلاً، لكن تقديرنا أن المخرج والحل الوحيد لما نحن فيه الآن هو تطبيق هذه الاتفاقات والعودة إلى المراجع، وهذا ما نسعى إليه وما ننسقه مع الشركاء الأصليين في هذه العملية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية".
وهنّأ الحكومة في إقرار مشروع قانون الانتظام المالي، معتبراً أنها "خطوة مهمة يجب أن يعقبها مزيد من الخطوات الإيجابية".
تزامن ذلك مع رعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بعد ظهر أمس، توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولبنان لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصّص لتوليد الطاقة الكهربائية. ووقع عن الجانب اللبناني وزير الطاقة جو صدي، وعن الجانب المصري وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي. وجال الوزير المصري أيضاً على رئيسي الجمهورية ومجلس النواب نبيه بري، حيث أعرب رئيس الجمهورية عن "امتنان لبنان رئيساً وشعباً للدعم الذي تقدمه جمهورية مصر العربية للشعب اللبناني بتوجيه من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي"، معتبراً ان توقيع لبنان ومصر لمذكرة التفاهم لتلبية حاجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصّص لتوليد الطاقة الكهربائية من الجانب المصري، "خطوة عملية وأساسية سوف تؤمّن للبنان القدرة على زيادة انتاج الطاقة الكهربائية للمواطنين اللبنانيين والمقيمين فيه وتخفف من التقنين المتبع".
أما في المشهد السياسي، فشنّ رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع هجوماً حاداً جديداً على "حزب الله"، وأوضح "أن لا عقدة تجاه "حزب الله"، ولا دوافع سياسية أو انتخابية ضيّقة للحديث عنه، إلا أن السبب الوحيد لتكرار التصويب عليه في التصريحات هو الضرر الكبير الذي ألحقه بلبنان، فوجوده خرّب البلاد، والقوات اللبنانية ستستمر في مواجهة "حزب الله" سياسيًا وقول الحقيقة من دون خوف أو مساومة، لأنّه طالما هناك سلاح خارج الدولة لا دولة فعلية في لبنان".
واعتبر جعجع أنّ "حزب الله" هو أكبر مصيبة في تاريخ لبنان الحديث، لأنه عطّل الحياة السياسية، ومنع قيام الدولة، وأدّى إلى الانهيار الاقتصادي والمالي والثقافي". وشدّد على "أنّ استمرار دعم إيران لـ"حزب الله" ليس مجانًا، بل لخدمة أهداف إقليمية، وللاستخدام كورقة تفاوض دولية، على حساب استقرار لبنان وأمنه".

 

 

 

 

 

 "الأخبار":

على رغم العناوين الكثيرة التي ترافقها، إلا أن زيارة نتنياهو للولايات المتحدة لن تجلب معها أيّ معجزة؛ إذ إن جلّ ما يسعى وراءه الرجل، إبقاء الوضع على ما هو عليه، إلى حين توفّر فرصة تحقّق له "الانتصار الكامل" في غزة وخارجها.
تأتي زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للولايات المتحدة، ولقاؤه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وكبار مسؤولي إدارته، في ظلّ تفاوت واضح بين رؤيتَي الطرفَين لكيفية «حلّ» أزمات المنطقة، ومواجهة التحدّيات المحيطة بإسرائيل والمصالح الأميركية في الإقليم. فمن جهته، يفضّل ترامب الظهور بمظهر الزعيم الناجح الذي تمكّن - وفقاً لِما يردّده - من إنهاء عدّة حروب، حتى وإنْ جزئيّاً أو مؤقّتاً، في حين يرى نتنياهو أن مصلحته، ومصلحة كيانه، تكمنان في إبقاء الوضع على حاله: لا حرب شاملة تهدّد أمن إسرائيل، ولا تسويات حقيقية على الأرض، وذلك في انتظار متغيّرات تمكّنه لاحقاً من استئناف سعيه نحو «الانتصار الكامل» في غزة وخارجها.
الزيارة، من منظور نتنياهو، ليست بالضرورة فرصةً لتنسيق المواقف أو دفع ملفّات إلى الأمام، بل هي محاولة لإقناع ترامب بعدم الضغط عليه لتقديم «تنازلات» من شأنها فرملة مسار «الانتصارات الكاملة». فالمطلوب، من جانب نتنياهو، هو التريّث وتأجيل القرارات المصيرية، والتمسُّك، ولو مؤقّتاً، بالوضع الراهن، وإنْ كان رئيس حكومة الاحتلال مستعدّاً، تحت الضغط، لتقديم تنازلات شكلية، هي في الواقع سمة ثابتة في مواقفه منذ بدء الحرب على قطاع غزة؛ وعلى أساسها يمكن فهم ما يُعلن من «نجاحات» عقب الزيارة، وما سيُترك في الغرف المُغلقة من مواقف متعارضة أو متباينة.
وعلى أي حال، صار واضحاً أن «المرحلة الثانية» من خطّة وقف الحرب في غزة - التي تُعدّ من أبرز ملفّات الزيارة -، تتحوّل تدريجيّاً من مرحلة «طموحة»، كما أُعلن عنها في البداية، إلى مرحلة مليئة بالثغرات التي ستؤدّي إلى إفراغها من جوهرها: فلا قوات دولية جاهزة أو قادرة على فرض سيطرة فعلية على القطاع؛ ولا آلية معتدّاً بها وقابلة للتنفيذ لـ»نزع سلاح حماس» أو منع إعادة تسليحها؛ ولا إعادة إعمار حقيقية كون هذا المشروع مرفوضاً إسرائيليّاً باعتباره يهدّد الخطة الاستراتيجية غير الخافية، المتمثّلة في إنهاء غزة ككيان، وكوجود فلسطيني.
وفي هذا الوقت، تتراجع مواقف الإدارة الأميركية، وتتقلّص طموحاتها يوماً بعد آخر، في حين يبدو أنها لم تَعُد تمتلك الرغبة - ولا القدرة الفعلية ربما - على فرض إرادتها، خصوصاً على الطرف الإسرائيلي، الذي يصرّ على اعتبار أيّ تدخل أمني أو سياسي خارج إشرافه، «خطّاً أحمر». ولذا، فإن المُرجّح ما بعد الزيارة هو استمرار الكلام عن «التقدّم»، لكن من دون التزامات قابلة للتنفيذ.
على أن أهمّ ما في اللقاء، يكاد يتجاوز غزة تماماً، إلى ساحات المواجهة القريبة والبعيدة، وهي لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن؛ علماً أن هذه كلّها ملفّات منفصلة ومشتركة في آن واحد، وهي تهدّد، وإنْ بدرجات متفاوتة، مصالح أميركا وإسرائيل معاً. ومع تصاعد التهديدات المتبادلة بين تل أبيب وطهران، يبرز الملف الإيراني كأداة مساومة حاسمة؛ فالرئيس الأميركي، وعلى رغم تشدّده الظاهر تجاه إيران، لا يرغب في شنّ حرب شاملة تربك حساباته الإقليمية وغير الإقليمية، في حين أن إسرائيل لا تستطيع تجديد الحرب من دون غطاء وربما انخراط أميركي فيها.
ولهذا، ربّما يكون ترامب قدّم لنتنياهو «ضمانات شفهية» بالتصعيد غير العسكري أو بموجة عقوبات جديدة، وذلك في مقابل موافقة الأخير على خطوات شكلية في غزة. وهكذا، تستطيع القيادة الإسرائيلية إظهار الصلابة لجمهورها اليميني، وتجدّد الولايات المتحدة الدعم لحليفتها، بينما تُدار الأمور في الخلفية بآلية واحدة: التهديد من دون التنفيذ، والردّ من دون التصعيد.
أمّا في الساحات الساخنة الأخرى خارج غزة، فلا توجد مساومات، بل مجرّد ضغوط متوازية وحسابات منفصلة. فعلى رغم محاولات تظهير الزيارة على أنها «صفقة شاملة» تُدار عبر مقايضات محسوبة (غزة مقابل إيران، لبنان مقابل سوريا)، فإن واقع الحال أقرب إلى تداخل ضغوط متوازية، لا إلى تبادل ومقايضات. فكلّ ساحة من الساحات لها خصوصيتها وظروفها وعواملها، وليست مجرّد ورقة يقدّمها نتنياهو أو ترامب، في غرفة مُغلقة.
ففي غزة، القرار مرهون بقدرة «حماس» والفلسطينيين على الصمود، ومدى استعداد مصر وقطر لدفع بدائل واقعية من الحركة، وليس فقط برغبة الولايات المتحدة في التهدئة، أو إسرائيل في الانتصار الكامل، وإلّا لَما كان الوضع انتظر أكثر من عامين، من دون تحقيق نتائج جذرية. وفي إيران، يدار التصعيد بمعزل عن غزة، ذلك أن برنامج طهران النووي يتقدّم وفق جدوله الخاص، فيما برنامجها للصواريخ الباليستية والمُسيّرات لا ينتظر قراراً يأتي من فلوريدا. أمّا الضربة الاستباقية، إنْ حصلت، فستتقرّر بناءً على معطيات استخبارية تتعلّق بـ»التهديد» الإيراني، لا على «ثمن» تدفعه واشنطن مقابل تنازل إسرائيلي في غزة.
وفي لبنان، لا يزال التوازن على حاله، على رغم هشاشته، فيما الحلول الاجتثاثية، سواء العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، تبدو قاصرة عن تحقيق المطلب المشترك بين أميركا وإسرائيل، بغضّ النظر عمّا يُتفق عليه في فلوريدا. وفي خصوص سوريا، ربما يصار إلى وضع سقوف متّفق عليها تتيح لواشنطن الاستمرار في الرهان على أحمد الشرع ونظامه الهشّ الجديد، ولتل أبيب انتظار الفوضى التي تترقّبها. وفي اليمن، فإن عمليّات «أنصار الله» تُدار بحسابات يمنية محلية وعقائدية، ولا تُموَّل أو تُوجّه من طهران، في حين يبدو أن هناك تبايناً كبيراً بين الجانبَين في الموقف من هذه الجبهة. أمّا الساحة العراقية، فمليئة بالتحدّيات التي لا يمكن معالجتها عبر الحلول «التبادلية» بين الساحات.
في المحصّلة، ترى إسرائيل في التصعيد - حتى لو كان «مسقوفاً» - وسيلة فعّالة لإحباط مبادرات لا تريدها، كالتطبيع مع سوريا من دون ضمانات صارمة حول بقاء النظام ومصيره. كما تستخدم ذلك لمنع «مرحلة ثانية» في غزة قد تفتح الباب أمام عودة «حماس» كطرف لا يُستغنى عنه في أيّ ترتيب مقبل. أمّا الولايات المتحدة، فترى في الهدوء، ولو كان هشّاً ومؤقّتاً، وفي تأجيل الاستحقاقات المصيرية، فرصةً لشراء الوقت، وتصدير «إنجازات» يمكن استثمارها لتحقيق مصالحها، بما يشمل المصالح الشخصية لسياسيّيها.
على هذا، يمكن القول، إن زيارة نتنياهو لفلوريدا «مفصلية»، إنما لجهة كونها تجسّد التوازن الهشّ بين التصعيد والتسويف والتسوية، وهي مفارقة كبيرة جداً. وفي حين سيظلّ السؤال: إلى أيّ مدى نجح الطرفان في تأجيل ما لا يريدان فعله؟، ستُعلّق الأنظار على زيارة أخرى قادمة، ستوصف بأنها «أكثر مفصلية» ليتجدّد الرهان عليها وانتظار النتائج منها.
ترامب يشترط نزع سلاح «حماس» ويهدّد إيران
في ظلّ مساعٍ متسارعة لإعادة ترتيب الأولويات الإسرائيلية - الأميركية، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء أمس، لقاءه المفصلي مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وطغت على اللقاء تصريحات ترامب بشأن غزة وإيران، إضافة إلى العلاقات التركية ــ الإسرائيلية، وملف العفو المحتمل عن نتنياهو. وشدّد ترامب على أنّ «نزع سلاح حركة حماس» شرط أساسي لإتمام أي اتفاق نهائي بشأن قطاع غزة، معرباً عن أمله في «الوصول سريعاً إلى المرحلة الثانية». وأعلن أنه سيناقش مع نتنياهو خمسة ملفات كبرى، على رأسها غزة، مؤكّداً أنّ «إعادة إعمار القطاع ستبدأ قريباً».
وفي المقابل، صعّد ترامب لهجته تجاه إيران، محذّراً من أنه «إذا استمرّت (الأخيرة) في برنامجها الصاروخي، فإنه يؤيّد الهجوم» عليها، وإذا واصلت برنامجها النووي، فإنّ «الهجوم يجب أن يكون فورياً». وأشار إلى أنه «سمع أنّ إيران ترغب في التوصل إلى اتفاق»، معتبراً ذلك «أكثر حكمة من إعادة بناء القدرات النووية».
وفي المقابل، نقلت «القناة 15» الإسرائيلية أنّ نتنياهو يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية في أثناء اللقاء، تتيح له «إقناع شركائه بالمضي قدماً في المرحلة الثانية»، في حين أكّدت «القناة 12» أنّ إسرائيل ستحصل «على كل ما أرادت تقريباً، من غزة إلى إيران». غير أنّ هذه الأجواء لم تُخفِ وجود تباينات، إذ أفادت «القناة 12» بوجود فجوات بين مستشاري ترامب ونتنياهو، مبيّنةً أنّ المستشارين الأميركيين طالبوا بـ«تحسين الأوضاع في الضفة الغربية، خشية انهيار السلطة الفلسطينية، بما يشمل إعادة تحويل أموال المقاصة، ووقف اعتداءات المستوطنين، وتقييد البناء الاستيطاني».
وكانت كشفت «القناة 13» العبرية أنّ نتنياهو، أجرى عشية مغادرته تل أبيب، نقاشاً هاتفياً عاجلاً مع قادة المنظومة الأمنية، أبلغهم خلاله بأنه «سيضطر في نقاط معيّنة إلى تقديم تنازلات»، نتيجة الضغط الأميركي. وأضافت القناة أنّ نتنياهو تطرّق إلى مسألة فتح معبر رفح أيضاً، معتبراً أنّ «من الأفضل التوجّه إلى لقاء ترامب بقرار مسبق في هذا الشأن». وفي السياق نفسه، أفادت «هيئة البثّ الإسرائيلية» بأنّ «القيادة السياسية وجّهت الجيش بوقف بعض العمليات العسكرية حتى عودة نتنياهو من الولايات المتحدة».
وفي المقابل، نقلت مراسلة قناة «كان» العبرية عن ترامب، تأكيده أنّ الولايات المتحدة تريد «البدء بإعادة إعمار غزة أولاً، أو بالتوازي مع نزع سلاح حماس»، واصفاً فكرة مشاركة تركيا في هذا المسار بأنها «جيدة»، مع تأكيده أنه سيستمع إلى موقف نتنياهو. كما تطرّق ترامب إلى مسألة «العفو» عن نتنياهو، مشيراً إلى أنّ الرئيس الإسرائيلي أبلغه بأنّ «العفو قادم»، معتبراً أنّ عدم الإقدام عليه «سيكون أمراً صعباً للغاية»، واصفاً نتنياهو بأنه «رجل قوي». لكن ديوان الرئيس الإسرائيلي نفى حصول أي اتصال مباشر بين هرتسوغ وترامب، موضحاً أنّ «التواصل اقتصر على استفسار من ممثّل عن الإدارة الأميركية، تلقّى الردّ نفسه الذي قُدِّم للرأي العام الإسرائيلي».

 

 

 

 

 

 "الجمهورية":

مع بداية السنة الجديدة، تدخل المنطقة في حال من الترقّب لارتدادات اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وما يتقرّر فيه حيال نقاط التوتر المتعدّدة فيها، وأيّ مسار ستسلكه، سواء نحو التصعيد، وخصوصاً على جبهة إيران، أو الاتجاه المعاكس لسَيل التكهّنات السابقة لهذا اللقاء، والتي تغلّب المناخ الحربي على ما عداه. وأمّا في لبنان، فتتبدّى أمامه مجموعة مسارات معقّدة، بدءاً أولاً، بالمسار الأمني المرتبط بالاعتداءات الإسرائيلية، المجهولة وجهته، في ظل الغموض الذي يكتنف ما يستبطنه من تطوّرات وربما مفاجآت أكانت سلبية أو إيجابية، وغياب ما حُكيَ عن إنجازات سريعة للجنة «الميكانيزم». وثانياً الملف المالي المعقّد، أكان لجهة موازنة عامة تجمع القراءات حيالها أنّها قاصرة عن تلبية المتطلبات والضرورات، أو لجهة الفجوة المالية التي حفرت فجوات تُهدِّد بطمر أموال المودعين، ودفن حقوقهم في مشروع أقلّ ما يُقال فيه إنّه مرتجَل ومجحِف وبدعة غير مسبوقة. وثالثاً، الملف الإنتخابي، الذي تفصله 5 أشهر عن موعد إجراء الإنتخابات، وقصر هذه المدة، يعني بالتأكيد أنّ هذا الملف بات قاب قوسَين أو أدنى من أن يدخل إلى حلبة الإشتباك السياسي العنيف حوله، ربطاً بما يحوطه من تناقضات وانقسامات واعتراضات، من دون أن ننسى النكد السياسي وغير السياسي. وفيما تؤكّد مصادر رسمية «على إجراء الإنتخابات في موعدها، وأي طرح لتأجيلها مرفوض سلفاً»، أكّد مسؤول كبير لـ»الجمهورية» أنّه «مهما تعدّدت الطروحات والأفكار، فلن يكون هناك تعديل على جوهر القانون الإنتخابي، فلدينا قانون نافذ والمطلوب إجراء الإنتخابات وفق أحكامه».

على الصعيد الأمني، لا تغيير في الوضع، والإعتداءات الإسرائيلية تواصلت على أكثر من منطقة لبنانية، فيما ترتسم في الأجواء علامات استفهام كبيرة حول ما بعد انتهاء مهمّة الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، المنتظر أن يصدر إعلان حولها من المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى الموقف الموحّد من قِبل الرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، حول هذا الأمر، المرجّح إعلانه مع مطلع السنة الجديدة، بالتأكيد على المسلّمات والثوابت اللبنانية التي تُركِّز على ثلاثية التزام إسرائيل باتفاق وقف الأعمال العدائية ووقف العدوان، والإنسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق الأسرى.

تطمين

المستويات الرسمية والسياسية على اختلافها، وفق ما يقول مسؤول رفيع لـ«الجمهورية»، تعتبر أنّ «لبنان ملتزم بالكامل بالقرار 1701 وباتفاق وقف الأعمال العدائية منذ الإعلان عنه في تشرين الثاني من العام الماضي، وأدّى ما عليه من موجبات حياله، وبالتالي يكون مع انتهاء مهمّة الجيش نهاية السنة الحالية، قد أنجز ما هو مطلوب منه بالكامل، إلّا أنّ ذلك على أهمّيته، يصطدم بالمنحى العدواني الذي تنتهجه إسرائيل، التي لا تُخفي مستوياتها الأمنية والسياسية هدفها الأساس بفرض واقع جديد في المنطقة الحدودية، أساسه ما تسمّى المنطقة العازلة غير المأهولة، وإلزام لبنان بقواعد جديدة في المنطقة تمسّ سيادته بالصميم».

وإذ يلفت المسؤول عينه إلى «أنّ لبنان عبّر بشكل واضح وأكيد بأنّه لا يُريد الحرب، ولا يسعى إليها، وأولويته تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية، ومن هنا كان الإلتزام بالاتفاق وعدم خرقه على الإطلاق»، وأضاف أنّ «الوضع لا يبعث على الإطمئنان لعدم وجود رادع لإسرائيل، أو بمعنى أدق، لعدم تبلور حتى الآن إرادة جدّية وملموسة، خصوصاً من قِبل رعاة لجنة «الميكانيزم»، على رغم من الوعود الكثيرة التي قُطِعت، بإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وتطبيق الشق المتعلّق بها من الاتفاق».

ما يقوله المسؤول الرفيع، يتقاطع مع تقدير ديبلوماسي غربي يتوقع «ضغطاً إسرائيلياً على لبنان في المرحلة المقبلة، تحت عنوان نزع سلاح «حزب الله»، وللوصول إلى اتفاق مع لبنان لا يقتصر على البُعد الأمني فقط، بل يتعدّاه إلى البُعد السياسي، علماً أنّ الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بشقَيه السياسي والأمني تُشجّع عليه الدول، وهو ما يمكن أن تؤسّس له لجنة «الميكانيزم» بنسختها الجديدة الأمنية والسياسية».

مرحلة حساسة

ويُنقَل في هذا الإطار عن سفير دولة كبرى قوله «إنّ المرحلة حساسة، قد تشهد مدّاً وجزراً بالمعنى الأمني، وقد يستمر هذا الجو المتقلّب لبعض الوقت، إلّا أنّ ذلك لا يعني بلوغ التصعيد الواسع والحرب، فوفق معطيات أكيدة، لا أحد يُريد الحرب والتصعيد، وهذا من شأنه أن يُبقي قنوات الحلول مفتوحة، وقابلة لأن تُختَتم بتفاهمات تُلبّي مصلحة كل الأطراف، ونأمل أن يتمّ ذلك في أسرع وقت». وأثنى على أداء الجيش اللبناني، مشدِّداً في الوقت نفسه، على أنّ «قرار حصر السلاح كما قرّرته الحكومة اللبنانية، يُشكِّل فرصة أكيدة لعودة الأمن والإستقرار إلى لبنان، وهذا يوجب على كل الأطراف تسهيل إنجاح هذه المهمّة، وخصوصاً في ما يتعلّق بالمرحلة الثانية من خطة الجيش اللبناني لنزع السلاح».

خماسية أم رباعية؟

وعلى رغم من النفي اللبناني لأيّ نقاشات خارج الإطار الأمني والثوابت المعروفة بوقف العدوان والإنسحاب وإطلاق الأسرى، وتأكيده بأنّ مهمّة المفاوض اللبناني في «الميكانيزم» محصورة بهذه الثوابت فقط، إلّا أنّ مرجعاً سياسياً، يقارب برَيبة بالغة الإعلان الإسرائيلي غداة كل اجتماع لـ«الميكانيزم»، بأنّ «البحث في اجتماع اللجنة تناول أموراً اقتصادية وسبل التعاون بين لبنان وإسرائيل في هذا المجال، ما يعني بوضوح إصرار إسرائيل على ما هو أبعد من الملف الأمني، بل على البُعد الإقتصادي وضمناً السياسي».

وأبلغ المرجع عينه إلى «الجمهورية» قوله، إنّه يخشى من محاولة إسرائيل، وبدعم مباشر من داعميها، نصب فخّ في مهمّة لجنة «الميكانيزم»، ومردّ هذه الخشية كما يقول، إلى «أجواء غير مشجّعة شاعت من الاجتماع الأخير للجنة».

ويلفت إلى ما سمّاه «همساً مقلقاً محاولة تدفع إليها إسرائيل للاستفراد بلبنان في اللجنة اقتصادياً وربما سياسياً، على أنّ هذا الهمس لا نستطيع أن نؤكّده أو ننفيه حتى الآن، لكن إن صحّ ما قيل، فهذا معناه نسف مهمّة اللجنة، وفحواه أنّ إسرائيل تتجاوز الملف الأمني وتريد أن تفرض «الملف الاقتصادي» بنداً وحيداً وجوهريّاً في اجتماعات «الميكانيزم»، مستندةً بذلك إلى أطراف أساسية في داخل «الميكانيزم» تماشي الطرح الإسرائيلي بالكامل، وأكثر من ذلك، ترغب هذه الأطراف في أن تتحوّل اللجنة من خماسية تضمّ الولايات المتحدة، فرنسا، «اليونيفيل»، لبنان، وإسرائيل، إلى رباعية بإخراج فرنسا منها، علماً أنّ اللجنة التي طُرِحَت «رباعية» تضمّ الولايات المتحدة، «اليونيفيل»، لبنان وإسرائيل، في زمن آموس هوكشتاين، لكنّها ما كانت لتتشكّل لو لم تُشرَك فرنسا فيها، وبإصرار أكيد من قِبل رئيس مجلس النواب نبيه بري على إشراكها، حتى ولو كانت قابلة بعدم مشاركتها في اللجنة، إذ كان له ما أراد، وأُشرِكت فرنسا في اللجنة في موقع نائب رئيسها».

وكان رئيس الجمهورية قد التقى، في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، رئيس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم» السفير السابق سيمون كرم، وجرى عرض تقييمي للاجتماعات السابقة، وبعض التوجيهات، عشية الاجتماع المقبل للجنة المقرّر في السابع من شهر كانون الثاني المقبل.

السقوط في الفجوة!

مالياً، وقّع رئيس الجمهورية العماد جوزاف مرسوم إحالة مشروع القانون المتعلّق بالفجوة المالية إلى مجلس النواب. فيما هذا المشروع لا يبدو ميسّراً في المجلس وفق ما تشتهي الحكومة. وكشفت مصادر نيابية لـ«الجمهورية»: «بدا جلياً أنّ الحكومة لم يكن همّها إقرار مشروع قانون يعالج الفجوة المالية، بل أن تُزيح هذ الحمل عن ظهرها كيفما كان، وتلقي هذا المشروع كجمرة حارقة في يَد النواب». وأضافت المصادر: «ما هكذا تُعالج الأزمة، وتُرَدّ للمودعين حقوقهم وأموالهم، فبدل أن تعالج الفجوة المالية، حفرت فجوة وسقطت فيها، ولو فكّرت الحكومة مرّتَين قبل إقرار مثل هذا القانون، لوفّرت على نفسها هذه السقطة، ولما ارتكبت خطأ فادحاً بتبنّي مشروع أقل ما يُقال فيه إنّه مشروع مرتجل وظالم وزاخر بالشوائب والثغرات». وخَلُصَت المصادر إلى القول «بأنّ مشروع الحكومة وُلِدَ ميّتاً، لأنّ الأكثرية الساحقة من النواب تعارضه، ما يعني أنّ مصيره الحتمي هو الردّ إلى الحكومة، أولاً، لتعارضه مع الدستور، الذي يوجب التصويت على المواضيع الأساسية بثلثَي الحكومة، إذ إنّ الصويت عليه بالأكثرية العادية، وثانياً لمضمونه الذي يسلب المودعين أموالهم، وهو ما لن يسير به النواب على الإطلاق».

تهنئة أمنية

من جهة ثانية، استقبل رئيس الجمهورية، قائد الجيش العماد رودولف هيكل على رأس وفد من القيادة، والمدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير على رأس وفد من المديرية، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله على رأس وفد من المديرية. وهنأؤه لمناسبة الأعياد. وأكّد الرئيس عون «أنّ المؤسسات العسكرية والأمنية تُشكّل خط الدفاع الأول عن لبنان، ومن الواجب المحافظة عليها وعلى التنسيق القائم في ما بينها لتثبيت الأمن والإستقرار فيه». مشدّداً على «أهمّية أن تبقى الوحدة الوطنية»، ومؤكّداً أنّ «مصلحة لبنان فوق كل اعتبار».

وتوجّه إلى وفد قيادة الجيش قائلاً: «أنتم العمود الفقري للبنان، ولا أحد يستطيع إلغاء إنجازاتكم، على رغم من محاولات البعض انتقاد الجيش والمؤسسة العسكرية والتنظير عليها. حافظوا على هذه المؤسسة لنحافظ على لبنان. وعلينا العمل كجسم واحد، وأنا متفائل بكم وبحكمة قراراتكم والتزامكم وإيمانكم بالمؤسسة العسكرية، خصوصاً أنّكم تفرضون واقعاً معيّناً يساعدني على اتخاذ القرارات التي تساهم في تغيير نظرة الخارج للبنان». وختم مؤكّداً «إنّ الجيش سيبقى المؤسسة التي لا تساوم على السيادة ولا تنحاز إلّا للوطن»، معتبراً أنّ «حماية الجيش للحدود ضمانة مهمّة، وصمود الجيش في وجه العواصف هو الذي يمنح اللبنانيِّين الأمل في غدٍ أفضل».

وخلال لقائه وفد الأمن الداخلي أكّد عون «أنّ مسؤوليّتكم في الحفاظ على الأمن المجتمعي ومكافحة الجريمة هي الركيزة التي يشعر من خلالها المواطن بأنّ الدولة حاضرة في يومياته. وثقتنا بكم كبيرة في ترسيخ دولة المؤسسات والقانون».

وتمنّى أمام وفد الأمن العام «أن يختم لبنان في العام المقبل جرحه النازف في الجنوب، ويتحرّر جميع الأسرى ويعود أهل الجنوب إلى أرضهم». وأضاف: «إنّ احترافيّتكم في جمع المعلومة وتطوير الخدمات الإدارية إلى جانب دوركم في حماية الأمن السياسي والوطني، يجعل منكم ركناً أساسياً في حماية هوية لبنان وأمنه القومي».

إتفاق غازي

من جهة ثانية، رعى رئيس الحكومة نواف سلام بعد ظهر أمس، توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولبنان لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصَّص لتوليد الطاقة الكهربائية. ووقّع عن الجانب اللبناني وزير الطاقة جو صدّي، وعن الجانب المصري وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي، في حضور سفير مصر في لبنان علاء موسى. وكان الوفد المصري قد قام بزيارات إلى الرؤساء الثلاثة. وفي مؤتمر صحافي له، أكّد السفير المصري «العمل على تخفيض حدّة التوتر»، لافتاً إلى أنّ «وزير الخارجية المصري أجرى اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف الرئيسية المعنية بالملف، ومع مزيد من الجهود يمكن الوصول إلى نتيجة، ونتمنى أن تنخفض حدّة التوتر في الفترة المقبلة».

لقاء ترامب نتنياهو

من جهةٍ أخرى، عُقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مارالاغو في فلوريدا، حيث استقبله ترامب مازحاً أمام الكاميرات، قبل أن يؤكّد أنّ جدول المحادثات يتضمّن 5 ملفات أساسية، في مقدّمها الوضع في قطاع غزة. وأعرب ترامب عن اعتقاده بأنّ عملية إعادة إعمار غزة ستنطلق «قريباً»، مثيراً جدلاً حين لفت إلى أنّ أي رهائن لم يُفرَج عنهم خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، على رغم من أنّ هدنة عام 2023 شهدت إطلاق سراح 105 رهائن من جنسيات مختلفة.

وخلال تصريحات إعلامية، سُئل ترامب عن إمكانية حصول نتنياهو على عفو في قضايا الفساد التي يُلاحق فيها داخل إسرائيل، فأبدى قناعة بأنّ الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ سيمنحه العفو، واصفاً نتنياهو بـ«رئيس وزراء زمن حرب وبطل». غير أنّ مكتب هرتسوغ سارع إلى نفي وجود أي قرار في هذا الشأن، مؤكّداً أنّ الأمر لا يزال قيد البحث وقد يستغرق أسابيع. وعقب التصريحات، انتقل الطرفان إلى اجتماع مغلق في قاعة الطعام.

 

 

 

 

 

 "الديار":

بانتظار تداعيات نتائج قمة ترامب- نتانياهوعلى المنطقة ولبنان، يمضي الافرقاء في الداخل اللبناني نحو ترتيب اوراقهم، استعدادا للمرحلة المقبلة. لكن الاكيد ان ثمة شيئا ما يتحرك على مستوى الملف اللبناني، دون الجزم «بالخواتيم» التي تبقى مبهمة ، بفعل التعقيدات في الاقليم، وعدم الوضوح في الاستراتيجية الاميركية، حيال اعادة ترتيب الخريطة السياسية، وربما الجغرافية للشرق الاوسط.
وفيما يشبه السباق بين الديبلوماسية وعاصفة التصعيد، شهدت الساعات القليلة الماضية حَراكا ديبلوماسيا لافتا، تمثل في اتصالات ايرانية مع الرياض والدوحة وابوظبي، وكان لبنان «طبقا» رئيسيا في المحادثات. ففي العاصمة القطرية بحث المسؤول السعودي الامير يزيد بن فرحان الملف اللبناني مع محمد بن عزيز الخليفي، وهو مسؤول رفيع في الديوان الأميري.
اما القاهرة فخطت خطوة متقدمة في اطار رعايتها واهتمامها بالساحة اللبنانية، فاضافة الى «حج» مسؤوليها الى بيروت، والتواصل المستمر مع الدول المؤثرة بما فيها «اسرائيل» لمنع التصعيد، وفتح «قنوات» اتصال مع حزب الله، جاءت خطوة التوقيع على تزويد لبنان بالغاز، لتفتح مسارا جديدا وواعدا، لكن يحمل في طياته الكثير من التساؤلات حول امكان تحوله الى واقع، والامر يحتاج الى رصد تفاعل الاميركيين مع هذا الملف، والثمن المطلوب لرفع «الفيتو» عن الغاز المصري، خصوصا ان علامات استفهام لا تزال مطروحة حول كيفية الفصل بينه وبين الغاز الاسرائيلي، الذي يضخ في الانابيب نفسها، وهذا يزيد الاسئلة حول موقع لبنان في التحالفات الاقليمية المفترضة، حيث الصراع على اشده لملء الفراغ الايراني؟!
عون وحماية موقع الرئاسة
وفيما سيكون عنوان الاستحقاقات الداخلية الداهمة، ملفي «حصر السلاح» شمال الليطاني، والذي يجري العمل على «ضبط ايقاعه»، وقانون «الفجوة» المالية الذي انتقلت «كرة ناره» الى مجلس النواب، واستقبله الرئيس بري بسلبية، جال السفير الاميركي ميشال عيسى على عدد من المسؤولين اللبنانيين امس، دون ان يقدم جديدا يمكن البناء عليه في فهم المرحلة المقبلة. وفي هذه الاثناء، يعيد كل طراف ترتيب اوراقه واولوياته، وبحسب مصادر سياسية مطلعة، يحاول رئيس الجمهورية جوزاف عون الاستفادة من الاجواء الدولية والاقليمية الداعمة لخطواته، لتحويلها الى وقائع تدعم مسار استعادة السيادة، وبسط سلطة الدولة على كامل اراضيها، لكن دون تعريض الداخل الى اي خضة يمكن ان تهز الاستقرار، او تؤدي الى الفوضى.
ولان طبيعة المهمة مرتفعة المخاطر، يمضي الرئيس قدما في تقديم الدعم للمؤسسات الامنية وفي مقدمها الجيش، لادراكه ان سر النجاح للعهد يكمن في تحصين المؤسسة العسكرية، الوحيدة القادرة على المساعدة في عملية الانقاذ، بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة لمعظم القوى السياسة المقبلة على مرحلة المزايدات الانتخابية. وفي هذا السياق، يرى الرئيس نفسه معنيا بحماية موقع الرئاسة في السنة الثانية للعهد، بعد عام اول شهد استهدافا ممنهجا من قوى سياسية مسيحية، لا ترغب في ان يشكل الرئيس حالة سياسية في الشارع المسيحي على حساب قاعدتها ونفوذها.
سلام ومعركة البقاء السياسي
ووفق مصادر نيابية بارزة، يخوض رئيس الحكومة نواف سلام معركة البقاء في الحياة السياسية، بعد فشله في شد عصب الشارع، وعدم نجاحه في خلق حالة شعبية تخوله ادعاء تمثيل السنة. ولهذا تبدو مواقفه اكثر تشنجا وتطرفا في ملفات حساسة وفي مقدمتها «حصرية السلاح»، باعتبارها مادة يمكن تسويقها ايجابيا لمصلحته لدى الخارج، وقد تكون «بوابة» عودته الى السراي الكبير بعد الانتخابات النيابية.
وستكون الاشهر المقبلة حبلى بالقرارات الحكومية الاشكالية، كما حصل في اقرار قانون «الفجوة المالية»، وتحميل وزره الى المجلس النيابي، وذلك كجزء من استراتيجية تقديم اوراق الاعتماد، لقطع الطريق امام اي مرشح آخر يقدم نفسه اكثر تشددا في مقاربة الملفات الساخنة، وقد اكتشف سلام بعد فضيحة «ابو عمر» ان الطامحين لاخذ مكانه كثر، ولن يتوانوا عن سلوك الطرق الملتوية «والدنيئة» لنيل لقب دولة الرئيس.
خصوم الحزب والسباق مع الوقت
وفيما ينتظر النائب السابق وليد جنبلاط على «ضفة النهر» مرور جثث خصومه، يسود «التخبط» على مستوى الحالة السنية، في ظل ضبابية الرؤية حول مقاربة المملكة العربية السعودية للواقع السني في البلاد، وانعكاسه على الانتخابات النيابية اذا حصلت في موعدها، ويخوض «خصوم» حزب الله على مختلف مشاربهم السياسية والطائفية سباقا مع الوقت، لتوظيف نكسة الحرب الاخيرة مع «اسرائيل» داخليا، في ظل مخاوف جدية من تسويات اقليمية ودولية، تثبت واقع الحزب في المعادلة الداخلية، باعتباره طرفا لا يمكن تجاوز دوره، بينما تخوض معه معركة وجود حقيقية.
ووفق مصادر معنية بالملف، تحاول قوى سياسية كـ «القوات اللبنانية»، وحزب «الكتائب»، وعدد من «المستقلين»، وبعض القيادات السنية، اقناع الخارج بان حزب الله انتهى، ولن تكون ثمة فرصة ثانية «لاجتثاث» بنيته العسكرية والسياسية والاجتماعية، ولهذا لا مجال للتراجع، حتى لو تطلب الامر ضربة اسرائيلية جديدة تجبر الحزب على «الاستسلام».
«الوطني الحر» تردّد وحيرة...
وبحسب مصادر مطلعة على اجواء «ميرنا الشالوحي»، كان «التيار الوطني الحر» حائرا، مترددا في خياراته، ويفضل الابتعاد «خطوة الى الوراء» مراقبا سير الامور، بانتظار معركة اثبات الوجود ضد «القوات» في الانتخابات النيابية المقبلة، والتي لن تخلو التحالفات فيها من «الانتهازية».
و «الثنائي الشيعي» وخصوصا حزب الله يعيد ترتيب «اوراقه» على مختلف المستويات لمواكبة التحولات الخارجية وانعكاساتها على الواقع اللبناني.
بري وتثبيت «الموقع»
ووفق مصادر «الثنائي»، انه وعلى الرغم من تداعيات الحرب سياسيا وامنيا، نجح رئيس المجلس النيابي نبيه بري في تثبيت موقع الشيعة في النظام، وخاض اكثر من معركة خلال العام المنصرم، وهو يدرك ان المواجهة مستمرة، وستكون قاسية على مشارف الاستحقاق الانتخابي، ويراهن على التعاون المثمر مع رئيس الجمهورية، لمحاولة تأمين «هبوط آمن» للجميع، ما يمنع انفجار البلاد او تفكيكها في ظل المخاطر المحدقة، وآخرها التطورات المقلقة في سوريا.
حزب الله يتبنى خيارات واقعية؟
اما حزب الله، فبات واضحا انه انجز مراجعته النقدية للفترة الماضية، مستفيدا من درس الضربات القاسية التي تعرض لها على اكثر من صعيد، في ظل تحولات معقدة في الاقليم والعالم. ووفق تلك المصادر، يمكن استخلاص معالم الاستراتيجية الجديدة من خطابات الشيخ نعيم قاسم، الذي يقدم يوما بعد يوم طروحات اكثر وضوحا، تنطلق من الثبات على المواقف في التمسك بفكرة المقاومة وعدم الاستسلام... ولكن وفق منظور جديد، يعيد رسم حدود وظيفة حزب الله، باعتباره فقط مقاومة تدافع عن السيادة اللبنانية، تحت مظلة استراتيجية الدفاع الوطني، متخليا عن دوره الاقليمي، بعد انتهاء نظرية «وحدة الساحات».
هذه التحولات ليست بسيطة، بحسب تلك الاوساط، ويسوق لها حزب الله خلال لقاءات مسؤوليه مع مسؤولين عرب واجانب، ويقدم تصورات واقعية تفتح «ابواب» التفاهمات داخليا وخارجيا، على قواعد جديدة ومختلفة، تعيد صياغة علاقات الحزب داخليا ومع المحيط. وسيكون التفاهم مع رئيس الجمهورية على «خارطة طريق» في العام المقبل، «مفتاح اساسي» لتسييل الأفكار الى وقائع، اذا تأمنت الظروف الخارجية، وتعمل مصر على تعبيد «الطريق» امامها، لكن يبقى الزام «اسرائيل» بمندرجات اتفاق وقف الاعمال العدائية امرا اساسيا، وبعدها سيكون الحزب منفتحا الى اقصى حدود الايجابية.
لبنان في «عين العاصفة»
وهذه التحولات في مواقف الاطراف اللبنانية، ترتبط بالتطورات على الحدود الشرقية الجنوبية، وربما ابعد من ذلك، فهذه الاحداث تضع لبنان مجددا في «عين عاصفة» التحولات الاقليمية. فخطوة اعلان «اسرائيل» الاعتراف بـ»ارض الصومال»، اشعل «الضوء الاحمر» لدى معظم الدول المعنية بالنفوذ في المنطقة، فحكومة الاحتلال تريد ان تقترب من اليمن والقرن الأفريقي، وهذا يضعها ايضا في حالة صدام مع تركيا، التي تتنافس على السيطرة في الدول الأفريقية المطلة على خليج عدن ومضيق باب المندب.
وتشير التسريبات الى ان اعتراف «إسرائيل» « بأرض الصومال»، مقدمة لوجود عسكري إسرائيلي فيها، ولكن توقيت هذا الإعلان يرتبط بالقمة الثلاثية، التي تم عقدها هذا الشهر ورسخت التحالف الاستراتيجي بين «إسرائيل» واليونان وقبرص، والرغبة في استفزاز تركيا، التي تحاول استمالة لبنان الى جانبها؟!
حذار «الاتجاه الخاطىء»
وقد انضمت مصر إلى تركيا والسعودية وقطر في إدانة الخطوة الاسرائيلية، ووفقا لمصادر ديبلوماسية، يعد هذا الامر تحولا استراتيجيا يضع المنطقة امام مخاطر كبيرة، لن يكون لبنان بمنأى عنها، خصوصا ان تركيا تعد طرفا فاعلا جدا في سوريا، واي خطوة لبنانية بالاتجاه «الخاطىء»، ستنعكس حكما على العلاقات اللبنانية السورية.
ماذا في جديد «الميكانيزم»؟
وفي الانتظار، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، رئيس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة «الميكانيزم» السفير السابق سيمون كرم، وتم البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر عقده في 7 كانون الثاني المقبل.
ووفق المصادر جدد الرئيس التأكيد على ثوابت الموقف اللبناني، وعدم السماح باستدراج الوفد المفاوض الى قضايا، لا تتصل بتنفيذ «اسرائيل» لاتفاق وقف النار، فضلا عن تقديم ملف «مبكل» عن التزم لبنان بالخطة جنوب الليطاني، باستثناء المناطق المحتلة من قبل الاسرائيليين، والمنطقة المحاذية لتلك المواقع، والتي يتعذر على الجيش دخولها.
دعم الجيش.. والغاز المصري
واستبق الرئيس الاستحقاقات بالاشادة بدور الجيش اللبناني والاجهزة الامنية، خلال اجتماع مع قيادة الجيش وقيادة الامن الداخلي، وقال امام وفد قيادة الجيش برئاسة العماد رودولف هيكل إن «التاريخ سيشهد أنّكم أنقذتم لبنان في الماضي، وستنقذونه في الحاضر، لأنكم تعملون لمصلحة وطنكم، وليس لمصلحة أحد».
وسط هذه الاجواء، أكد السفير المصري علاء موسى في خلال مؤتمر صحافي العمل على تخفيض حدة التوتر، لافتا الى أن وزير الخارجية المصري أجرى اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف الرئيسية المعنية بالملف، ومع مزيد من الجهود يمكن الوصول الى نتيجة، ونتمنى أن تنخفض حدة التوتر في الفترة المقبلة. 
وبعد ان زار رئيس وفد البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي والوفد المرافق، بعبدا وعين التينة، رعى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، توقيع مذكرة التفاهم بين مصر ولبنان، لسد احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية.
ومن المرتقب ان تتبلور هذه الصيغة خلال 4 اشهر، اذا وافقت واشنطن على وصول الغاز المصري الى لبنان، في ظل تساؤلات عما اذا كان الاتفاق اشارة أولية من الدولة اللبنانية، لمستقبل تحالفاتها الغازية في المنطقة، والتي تشارك في شقها المصري «اسرائيل»؟! 

 

 

 

 

 

 "نداء الوطن":

في فلوريدا، شكل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محطة مفصلية لتعزيز رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد. ولدى سؤاله هل على إسرائيل أن تهاجم "حزب الله" بعدما حصل إخفاق في اتفاق وقف الأعمال العدائية؟ قال ترامب: "سنرى ذلك، الحكومة اللبنانية في وضع غير موآتٍ بعض الشيء، و"حزب الله" يتصرف بشكل سيئ، سنرى ماذا سيحدث". ومن الواضح إصرار نتنياهو على تسديد ضربة كبرى لإيران وأذرعها، وفي طليعتها "حزب الله".

إصرار تعزز بمواقف أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، المتصلبة حيال استكمال خطة حصر السلاح بيد الدولة، وكأن "الحزب" يختار، مرة جديدة، رفع سقف التحدي ما يضاعف المخاوف من أن يدفع لبنان ثمن هذا العناد، أمنيًا وعسكريًا، في مرحلة هي الأخطر منذ "اتفاق الطائف".

صمت الدولة

أربع وعشرون ساعة مرت على تخوين صريح وجّهه قاسم إلى قلب السلطة التنفيذية، من دون أن يصدر عن الدولة أي موقف، لا توضيح ولا اعتراض ولا حتى تسجيل تحفظ. تخوين بلغ حدّ اتهام كل من يطالب بحصرية السلاح هو بخدمة إسرائيل، في بلد يعرف القاصي والداني أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يقفان في مقدِّم المطالبين بحصر السلاح بيد الدولة، باعتباره ركنًا سياديًا لا شعارًا سياسيًا.

حين يقول الشيخ قاسم إن "نزع السلاح مشروع أميركي – إسرائيلي حتى لو سُمّي بحصرية السلاح"، فهو لا يطلق موقفًا عابرًا في سجال داخلي، بل يوجّه طعنة مباشرة إلى الشرعية الدستورية، ويضع رأس الدولة وحكومتها عمليًا في خانة الاتهام السياسي والوطني. ومع ذلك، اختارت الدولة الصمت. صمتٌ فاضح، لا سيما إذا ما قورن بسرعة صدور مواقف رسمية حازمة في مناسبات أقل شأنًا، وعلى خلفيات سياسية أدنى خطورة.

توازيًا، أبلغت أوساط سياسية بارزة واكبت أعمال القمة الأميركية الإسرائيلية "نداء الوطن" أن عام 2026 سيكون استمرارًا للعام 2025 لجهة أن إسرائيل لن توقف استهدافاتها لـ "حزب الله". وحذرت من أن تصح مقولة المبعوث الأميركي توم برّاك من أن لبنان دولة فاشلة لا تريد أن تبسط سيطرتها. ورأت أن على الحكم أن يستفيد من ضعف "حزب الله" لاتخاذ مبادرات سيادية.

وعلى الرغم من كل التحذيرات، واصل الوزير طارق متري مسلسل هرتقاطه معتبرًا أن مسألة السلاح تحل بالتراضي وأن أسباب المعترضين على مشروع قانون الفجوة المالية سياسية. ما استدعى ردًا من عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم سائلًا: "لِمَ أقدَمَ هو ومن يشاركه الرأي إلى مواقع المسؤولية، ما دام لا استعداد لديهم لتحمّل مسؤولية إعادة بناء الدولة وتحريرها من الدويلة ومن الفاسدين"؟

وفي السياق، اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أن "حزب الله" هو أكبر مصيبة في تاريخ لبنان الحديث، لأنه عطّل قيام الدولة، وخنق الحياة السياسية، وأوصل البلاد إلى الانهيار الشامل.

التوازن في الالتزامات

وفي انتظار ما سيفيض عن مقررات فلوريدا، وما إذا كانت ستُترجم على الأرض نارًا أو تفاوضًا، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون رئيس الوفد اللبناني في لجنة "الميكانيزم"، السفير السابق سيمون كرم، حيث جرى البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر في السابع من كانون الثاني المقبل. اجتماع يأتي عشية تقديم الجيش اللبناني تقريره إلى مجلس الوزراء، الذي سيُعلن فيه، مبدئيًا، انتهاء عملية حصر السلاح جنوب الليطاني.

وأشارت مصادر لـ "نداء الوطن" إلى أن السفير كرم سيعرض صورة متكاملة عن وفائه بالتزاماته من خلال أداء الجيش وانتشاره وتنفيذ ما هو مطلوب منه وفق الاتفاقية، على أن يُصار في المقابل إلى وضع الجانب الإسرائيلي أمام مسؤولياته الكاملة، انطلاقًا من مبدأ التوازن في الالتزامات، باعتبار أن لبنان ينتظر الخطوة الإسرائيلية المقابلة التي يفترض أن تترجم عمليًا بوقف الخروقات واستكمال الانسحاب من المناطق المحتلة.

وسيسبق اجتماع السابع من كانون الثاني جهد لبناني مكثف على المستوى الرئاسي لوضع الدول المعنية بالميكانيزم، أمام حقيقة الوضع الميداني والخطوات الجدية التي قام بها لبنان، مع التأكيد أن أي مسار مستدام للاستقرار يفترض، في الحد الأدنى، احترام مبدأ "الخطوة مقابل خطوة" بما يضمن عدم تحميل طرف واحد أعباء الاتفاق فيما يتنصل الطرف الآخر من موجباته.

وفي هذا السياق، لم تكن إشادة رئيس الجمهورية بالمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية مجرد دعم معنوي، بل إعلان موقف سياسي واضح. حين يقول الرئيس عون لقائد الجيش الذي استقبله على رأس وفد من القيادة: "التاريخ أثبت أن الجيش اللبناني أنقذ لبنان عدة مرات وسيثبت المستقبل أن الجيش هو المنقذ الوحيد للبنان لأنه المؤسسة الوحيدة التي تعمل لمصلحته"، فهو يرسم خطًا فاصلًا بين من يحمي الدولة ومن يغامر بها.

فصام سياسي

ماليًا، سلك مشروع قانون الفجوة المالية الذي أقرّه مجلس الوزراء بعد توقيع الرئيس عون المرسوم الخاص بهذا الشأن طريقه إلى مجلس النواب. يأتي ذلك على وقع فصام سياسي واضح داخل الصف الواحد. فوزير المالية ياسين جابر المحسوب على الرئيس نبيه بري يواكب مسار القانون بعد أن صوت عليه، فيما زميلته الوزيرة تمارا الزين المحسوبة أيضًا على الرئيس بري صوتت ضده، ليعود الرئيس بري ويؤكد أن المشروع لا يتضمن حلولًا حقيقية لمعالجة الأزمة المالية وإعادة حقوق المودعين، مشدّدًا "على تمسكه بموقفه الثابت وهو أن الودائع مقدّسة".

تريّث جمعية المصارف

وفي هذا السياق علمت "نداء الوطن"، أن اجتماع مجلس إدارة جمعية المصارف في لبنان الذي انعقد أمس، قرر التريث في إبداء موقف نهائي من مشروع قانون الفجوة المالية بانتظار أن يستكمل الفريق القانوني لديه دراسة المشروع بصيغته النهائية، وبعدما تبين أنه خضع لبعض التعديلات. كما إن مجلس الإدارة أراد إشراك أكبر عدد ممكن من المصارف العاملة في لبنان في المناقشات، ولذلك ارتأى تأجيل القرار إلى اجتماع سيعقد ظهر الإثنين المقبل في 5 كانون الثاني 2026.

وفي ملاحظات أولية تداولها مصرفيون، يتبيّن أن مشروع القانون لا يزال يعتريه الغموض في كثير من النقاط الحساسة، ومن ضمنها قضية ازالة ما يُعرف بالشوائب من الودائع، ومن مطلوبات المصارف لدى مصرف لبنان. إذ ليس واضحًا ما إذا كان القانون بصيغته الأخيرة التي خرج بها قد أخذ برأي حاكم مصرف لبنان لجهة إزالة الشوائب قبل الوصول إلى الرساميل أم لا. كما إن قضية التصرّف بالاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان لا تزال غامضة، وما إذا كان سيُحتسب من حصة المصارف أم لا. في الموازاة، سجل البعض نقاطًا إيجابية، من ضمنها تغيير صيغة التزام الدولة بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف، بحيث أصبحت أكثر وضوحًا في الصيغة الأخيرة للقانون.

مذكرة تفاهم

رعى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولبنان لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية. ووقع عن الجانب اللبناني وزير الطاقة جو صدي، وعن الجانب المصري وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي. وقال الوزير صدي بعد التوقيع قررنا أن ننقل قطاع الطاقة تدريجيًا من استعمال الفيول إلى استعمال الغاز الطبيعي لأسباب عدة منها أن الغاز الطبيعي أرخص ولا يضر بيئيًا كالفيول.

 

 

 

 

 

 "الأنباء" الالكترونية:

في أعقاب الاجتماع الخامس الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو منذ انطلاقة الولاية الثانية لترامب، اعتبر الأخير، الذي بحث مع ضيفه ملفات المنطقة كافة من لبنان إلى الصومال، أنّ حزب الله "يتصرّف بشكل سيّئ". وردّاً على سؤالٍ طُرح عليه في المؤتمر الصحافي الذي تلا المباحثات، قال ترامب إنّ "الحكومة اللبنانية في موقع أضعف، إلى حدٍّ ما، إذا ما قورنت بحزب الله"، مضيفاً: "سنرى ما ستؤول إليه الأمور".

اجتماع جنبلاط – عيسى

لبنانياً، حضر ملفّ تطبيق وقف الأعمال العدائية في كليمنصو ضمن مباحثات وديّة جمعت الرئيس وليد جنبلاط بالسفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى، في حضور عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور، وهو اللقاء الأول بين جنبلاط وعيسى بعد تولّي الأخير مهامه.
وخلال الاجتماع، جرى البحث في التحديات التي يواجهها لبنان، وخصوصاً تلك المرتبطة بوقف النار، كما حضر ملفّ الإصلاحات المالية والاقتصادية، حيث جرى التأكيد على أهمية المسار الإصلاحي القائم اليوم وضرورة دعمه.

اللقاء الديمقراطي عازم على الوصول إلى قانون منصف
وفي صلب المسار الإصلاحي هذا، يأتي قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع المعروف بـ"الفجوة المالية"، والذي نجح الحزب التقدمي الاشتراكي و"اللقاء الديمقراطي" في إدخال تعديلات أساسية عليه.

وفي هذا الإطار، أحال رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع إلى مجلس النواب بعد توقيعه، فيما يستعدّ "اللقاء الديمقراطي" ومعه الحزب التقدمي الاشتراكي لمناقشة معمّقة للمشروع والعمل على إدخال تعديلات إضافية تضمن مزيداً من العدالة للمودعين، ولا سيما لجهة الودائع بالليرة اللبنانية وودائع الصناديق الضامنة كصناديق المهندسين والمحامين والمعلمين والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يؤمّن التغطية لأكثر من 400 ألف لبناني، والمصنّفة ضمن فئة ما فوق 100 ألف دولار، مع المطالبة بربط جداول السندات بالنمو الاقتصادي، حيث يبقى الرهان على قدرة الدولة على تحسين إيراداتها عبر تحفيز الاستثمار وضبط التهرّب الجمركي والضريبي وسلسلة من الاقتراحات التي رفع اللقاء الديمقراطي وذكّر بها مؤخراً في معرض البحث عن سبل تغذية خزينة الدولة للقيام بمسؤولياتها تجاه إعادة أموال المودعين. 

وهذه الصيغة النهائية للمشروع، التي ساهم "اللقاء الديمقراطي" بالتعاون مع الوزيرين فايز رسامني ونزار هاني في إدخال العديد من النقاط الإصلاحية عليها، باتت بمتناول الجميع، وهي تتقاطع مع مطالب المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي، ولا سيما لجهة الاعتراف بالخسائر وتنظيم مقاربة استرداد الودائع، إلى جانب تحييد احتياطي الذهب بشكل صريح ومنع استخدامه كضمانة للسندات الممنوحة لكبار المودعين، بما يحمي أحد آخر الأصول السيادية للدولة من الرهن أو التسييل.

سلام يردّ على منتقدي القانون
وفي سياق متصل، دعا رئيس الحكومة نواف سلام النواب وممثلي الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني إلى "وقفة وطنية تُقدّم المصلحة العامة على أي اعتبار آخر"، مؤكداً الانفتاح على أي مقترحات تُحسّن مشروع القانون، لكنه شدد على رفض "النقد الذي لا يقدّم بدائل، لأنه يساهم في هدر أموال المودعين وشلل المصارف وتقويض الاقتصاد".

تحضيرات التقدمي للانتخابات النيابية مستمرة

وبالتوازي مع متابعة "اللقاء الديمقراطي" والحزب التقدمي الاشتراكي للملف المالي، تستمر تحضيرات "التقدمي" للانتخابات النيابية المقبلة، وهو يدفع باتجاه إجرائها في موعدها، كما أكد رئيس اللجنة الانتخابية المركزية الدكتور وليد صافي في مقابلة مع "الأنباء". وأشار صافي إلى أن الماكينة الانتخابية، وبناءً على توجيهات رئيس الحزب تيمور جنبلاط، تتحضّر لمختلف السيناريوهات المتعلقة باقتراع المغتربين، مع التأكيد على حرص الحزب على ضمان حقّهم في المشاركة بالاستحقاق النيابي.
وكشف صافي أن المعيار الذي اعتمده النائب جنبلاط في تشكيل اللجنة الانتخابية هو الكفاءة، مشيراً إلى أن اللجان تضمّ أصحاب خبرة في إدارة الانتخابات، إلى جانب طاقات شبابية جديدة، تمتلك ما يكفي من عزم لخوض هذه المعركة.

 

 

 

 

 

 "اللواء":

مع الدقائق الأولى لقمة دونالد ترامب – بنيامين نتنياهو تبيّن ان مجموعة «معوقات» تم تجاوزها، فحول غزة ظهر تباين، وحول سوريا اكد الرئيس الاميركي الحرص على اعطاء فرصة للنظام الجديد، متحدثاً عن مشروع للسلام بين اسرائيل وسوريا، وحضرت ايران من باب التهديد المتجدد بتوجيه ضربات لها، ومن هذه الوجهة يمكن ان يكون حزب الله قد جرى تفاهم اميركي – اسرائيل حوله في قمة فلوريدا، في وقت كان فيه لبنان يتمسك باجتماعات «الميكانيزم» ويسعى لأن تأخذ دورها في تعزيز الاستقرار جنوباً، بالتزامن مع الاهتمام المصري المتزايد، اذ اجرى وزير الخارجية المصري عبد العاطي اتصالات مكثفة مع الاطراف المعنية بملف الجنوب واتفاق وقف النار، لخفض التوتر في المرحلة المقبلة، وشدّد سفير مصر في لبنان علاء موسى ان «الحل الوحيد هو تطبيق الاتفاقات، وهذا ما يجري تنسيقه مع الجانب الاميركي.. ومصر تطالب الجانب الاسرائيلي بخفض التوتر..
واكد الرئيس جوزف عون خلال استقباله قائد الجيش العماد رودولف هيكل على رأس وفد من المؤسسة ان الجيش هو المنقذ ولا يساوم على السيادة.
كما استقبل الرئيس عون قبل انعقاد لجنة الاشراف على تنفيذ وقف الاعمال العدائية في 7 كانون الثاني المقبل رئيس الوفد اللبناني المفاوض في اللجنة السفير السابق سيمون كرم، وتم البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة. وزود عون كرم بالتوجيهات والنقاط التي يجب ان تُثار في الاجتماع بناء لمواقف السلطات اللبنانية.
وحول الوضع في لبنان قال الرئيس ترامب: حزب الله يتعامل بشكل سيِّىء وسنرى ما سيحدث..
ولاحظت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان كباشا نيابيا حكوميا سيشهده نقاش قانون الفجوة المالية بعد إحالته الى البرلمان وسط رفض واسع النطاق لمضمونه، وهذا ما سيتظهر عند مناقشته.
الى ذلك لم يتضح ما اذا كان مجلس الوزراء امام تزخيم قرار حصرية السلاح لاسيما اذا كان المطلوب من الحكومة هذا الأمر مع العلم ان القرار لم يتبدل وفق المصادر نفسها التي تتحدث عن ان أية مؤشرات جديدة يفترض بها ان تتبلور قريبا خصوصا ما يتعلق بتعاطي الدولة مع الضغوط بشأن هذا السلاح.
الى ذلك من المقرر ان يحضر تقرير الجيش في اول جلسة حكومية في العام الجديد.
إذاً، حبس لبنان والعالم انفاسه امس ترقبا لنتائج وانعكاسات لقاء قمة فلوريدا على اوضاع الشرق الاوسط، فيما لم تغب متابعة الاستحقاقات والاهتمامات الداخلية الاخرى، حيث يبدأ يوم الجمعة مطلع العام المقبل العقد الاستثنائي لمجلس النواب الذي وقع الرئيسان جوزيف عون ونواف سلام مرسومه قبل خمسة ايام وتم امس توقيع مرسوم الاحالة، ويستمر من 2 كانون الثاني حتى اول اذار المقبلين، وللعلم والتذكير فقد حدد المرسوم برنامج اعمال هذا العقد الاستثنائي بما يلي:
– مشروع موازنة العام 2026
– مشاريع القوانين المحالة الى مجلس النواب والتي ستحال اليه.
– سائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس.
ويهدف فتح العقد الاستثنائي إلى تمكين مجلس النواب من ممارسة صلاحياته التشريعية خارج مواعيد العقد العادي الثاني الذي انتهى.كما انتهى في شهر تشرين الاول العقد الاستثنائي الذي بدأ في 5 حزيران الماضي.
وعلى هذا من المتوقع ان يلتئم مكتب المجلس النيابي بعد رأس السنة للبحث في جدول اعمال جلسة تشريعية، يكون في اولوية بنودها حسبما قالت مصادر رسمية لـ «اللواء»: مناقشة واقرار مشروع الموازنة قبل اي أمر آخر حسبما ينص الدستور، ما يعني ان لهيئة مكتب المجلس ان تقرر ما اذا كانت ستضع مشروع قانون الفجوة المالية ومشروع قانون الحكومة حول تعديل قانون الانتخاب ضمن جدول الاعمال الى جانب اقتراحات ومشاريع القوانين الاخرى المحالة اليها لكن بعد درس الموازنة.
لكن حسب مصادر متابعة، فإن هيئة مكتب المجلس ستكون امام مشكلة التئام نصاب الجلسة اذا لم يتم وضع تعديل قانون الانتخاب على الجدول، وامام مشكلة رفض كتلتي ثنائي امل وحزب الله وربما بعض الحلفاء إقرار اقتراع المغتربين في الخارج للنواب الـ 128. وإذا كانت المصادر ترجح اكتمال نصاب حضور جلسة الموازنة وقانون الفجوة المالية نظرا ً لضرورتهما الداخلية والضغوط الخارجية، فمن غير المؤكد ان يكون تعديل قانون الانتخاب على الجدول واذا تم وضعه قد يطير نصاب الجلسة ! هذا عدا عن مناقشة مشروع الموازنة له الاولوية وقد تستغرق مناقشته وقتاً بين لجنة المال النيابية وبين الهيئة العامة.
سلام: القانون لإعادة الحقوق ووقف الانهيار
وأُحيل مشروع قانون الفجوة المالية الى مجلس النواب امس، وسط خلاف حوله، قبل اخضاعه للمناقشة والتعديل والاقرار، وذلك بعد اعادة تنقيح النص الاساسي بملاحظات الوزراء والمناقشات حوله.. كاشفاً عن وضع نسخة على الموقع الالكتروني لرئاسة الحكومة، وعلى حسابه على موقع X ليتسنى لجميع اللبنانيين الاطلاع المباشر على المشروع بشفافية، ولتبديد الكثير من سوء الفهم والالتباسات والاحكام والآراء المسبقة.
وقال في كلمة له على الهواء مباشرة من السراي القانون ليس مثالياً… لكنّه أفضل الممكن على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار، حيث عملنا ضمن الإمكانيات المتاحة واستناداً إلى توقّعات مدروسة.
وقال: لا نبيع اللبنانيات واللبنانيين أوهاماً ولا نخفي الحقائق عنهم. فنحن حكومة أطلقنا على أنفسنا اسم حكومة الإصلاح والإنقاذ، همّنا أن نصدق معكم وأن نكون على قدر ثقتكم. وما كنّا لنعدّ هذا القانون، على صعوبته، لولا خشيتنا من أنّ كل تأخير يسيء إلى مصالحكم… وقناعتنا أنّ الإصلاح ما زال ممكناً. ورهاننا أوّلاً هو على الشفافية والحق في المعرفة المباشرة التي يستحقّها كل المواطنين ليحكموا بأنفسهم على هذا المشروع. وسنكون منفتحين على الحوار معكم جميعاً اليوم وغداً وبعد غد.
ودعا الرئيس نواف سلام ممثّلي الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني إلى وقفة وطنية تقدّم المصلحة العامة على أي اعتبار آخر، وقال: نحن منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل، فهذا يساهم في إطالة الأزمة والاستمرار في هدر أموال المودعين وشلل المصارف وتقويض الاقتصاد.
وقال: سيتبيّن لكل من سوف يتعرّف بموضوعية إلى مشروع القانون أنّه سيدفع أموال المودعين من دون نقصان، ويفرض غرامات على الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج قبل الانهيار المالي والمصرفي لمدة ستة أشهر… وبعده، وعلى الذين استفادوا من الهندسات المالية ومن الأرباح والمكافآت المفرطة… وهو يدعو أيضاً إلى مواصلة التدقيق الجنائي والمحاسبي، خلافاً لما حاول البعض نكرانه.
وفي السياق اعلنت جمعية المصارف في بيان مساء امس، عن إجتماع مجلس إدارة الجمعية للتداول في المرسوم رقم 2224 تاريخ 29 كانون الأول 2025 الذي أحال إلى مجلس النواب مشروع القانون المتعلق بالإنتظام المالي وإسترداد الودائع. وقالت: وقرر المجلس دعوة المصارف العاملة في لبنان إلى إجتماع يعقد في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر يوم الإثنين الواقع فيه 5 كانون الثاني 2026، للتشاور في موضوع مشروع القانون المذكور وإتخاذ القرارات المناسبة بهذا الصدد.
اجتماعات مكثَّفة لإنجاز الموازنة
وفي الاطار المالي، حدَّد رئيس لجنة المال والموازنة النيابية، النائب ابراهيم كنعان ما قبل نهاية ك2 لاقرار موازنة العام 2026، كاشفاً عن اجتماعات مكثفة مع بداية العام لانهاء مشروع الموازنة قبل منتصف ك2، ليتسنى اللهيئة العامة مناقشتها واقرارها قبل 31 ك2 المقبل.
وفي الحراك الداخلي ايضاً، استقبل الرئيس وليد جنبلاط، في دارته في كليمنصو، السفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى، على رأس وفدٍ من السفارة الأميركية، وذلك بحضور عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور.
ووصفت مصادر الحزب التقدمي الاجتماع بأنّه «ودّي، حيث جرى خلاله عرضٌ لمختلف التحديات التي يواجهها لبنان، ولا سيّما الجهود المرتبطة بتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية. كما جرى التأكيد على ضرورة دعم الجيش اللبناني، ومواصلة مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية».
اتفاق جرّ الغاز المصري
وفي تطور مهم، رعى رئيس مجلس الوزراء امس، توقيع مذكرة تفاهم بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية.
ووقع عن الجانب اللبناني وزير الطاقة جو صدي، وعن الجانب المصري وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي، في حضور سفير مصر في لبنان علاء موسى، والعضو التنفيذي المنتدب للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «ايجاس»المهندس محمود عبد الحميد، والمشرف على الإدارة المركزية للشؤون القانونية في وزارة البترول والثروة المعدنية الاستاذ محمد الباجوري، وعن الجانب اللبناني مستشار الوزير المحامي بطرس حدشيتي وعضو هيئة قطاع البترول المهندس وسام الذهبي.
وأعلن الوزير الصدي بعد التوقيع: قررنا أن ننقل قطاع الطاقة تدريجيا من إستعمال الفيول الى إستعمال الغاز الطبيعي للأسباب التالية: لأن الغاز الطبيعي أرخص ولا يضر بيئيا كالفيول، ويبعدنا عن كل «معمعات»مناقصات الفيول. ويهمني اليوم أن أركز على أمرين: الأول استلمنا تقرير لجنة فنية أتت الى لبنان بمبادرة من إخواننا الأردنيين لدراسة وضع خط الأنابيب الذي يأتي من العقبة ويصل الى سوريا، وعبر خط أنابيب ثان يأتي من الشمال ويزود دير عمار بالغاز. وأتانا التقييم حول ما هو مطلوب من الجهة لبنانية لإعادة التأهيل خط الأنابيب من القسم اللبناني وتكلفته وكم يستغرق وقتا. وتبين أن تكلفته ليست بكبيرة والوقت الذي نحتاجه هو تقريبا من ثلاثة الى أربعة أشهر.
وأشار الوزير الصدي أن نفس الأمر يحصل من الجهة السورية، وسنتواصل مع جهات مانحة لنرى كيف يمكن أن تساعدنا لتمويل اعادة تأهيل خط الأنابيب في القسم اللبناني من دير عمار الى الحدود السورية شمالا.
ثانيا: نحن نصر من خلال إستعمالنا للغاز الطبيعي أن يكون هناك تنويع في مصادر الغاز الطبيعي، وكما نعمل مع الدول الخليجية أو عبر IFC على إنشاء محطات جديدة تعمل على الغاز، وعلى انشاء محطة تغويز والتزود بالغاز الطبيعي.
اضاف: نوقع مع دولة مصر على مذكرة تفاهم لاستدراج غاز طبيعي من مصر عندما يتوفر، أكيد إن كل التفاصيل من ناحية التعاقد والسعر سيتم العمل عليها في الاسابيع المقبلة. ويهمني أن أذكر بأن إستراتيجية لبنان هي أولا الإنتقال لاستعمال الغاز الطبيعي، وثانيا تنويع مصادر الغاز برا أو عبر البحر.
سئل: ماذا يمكن أن يؤدي التعاون مع مصر؟
أجاب: يمكن أن يؤدي لاحقا الى التعاقد معهم لشراء الغاز الطبيعي لنزود في مرحلة أولى معمل دير عمار به.
واعتبر ردا على سؤال بأن قانون قيصر لم يعد موجودا والتقرير الفني والتقني الذي وردنا هو أن هناك حاجة لاعادة تأهيل خط الأنابيب في أراضينا، ونحن ننتظر أن يردنا التقرير من الجانب السوري لنعرف ما سيقرر لناحية اعادة التأهيل خط الانابيب لديهم.
وأعرب الرئيس عون خلال استقباله الوزير بدوي، «عن امتنان لبنان رئيسا وشعبا للدعم الذي تقدمه جمهورية مصر العربية للشعب اللبناني بتوجيه من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرا ان توقيع لبنان ومصر لمذكرة التفاهم لتلبية حاجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية من الجانب المصري، خطوة عملية واساسية سوف تؤمن للبنان القدرة على زيادة انتاج الطاقة الكهربائية للمواطنين اللبنانيين والمقيمين فيه وتخفف من التقنين المتبع. وفيما شكر الرئيس عون الوزير بدوي على الاستجابة الدائمة من الجانب المصري لحاجات لبنان، فأنه حمله تحياته الى الرئيس السيسي وتمنياته في ان تحمل السنة الجديدة خيرا وسلاما وتقدما لجمهورية مصر العربية رئيسا وشعباً».
وأشار الى ان التعاون اللبناني- المصري في مجال الغاز سيكون من ثمار العلاقات اللبنانية- المصرية المتينة، لاسيما وان مصر سوف تقدم كل الدعم للبنان في هذا المجال من خلال الخبرات والإمكانات المصرية في مجالات عدة منها استكشاف حقول الغاز واستخراجه ونقله وتوزيعه على القطاعات الصناعية والمنازل ومحطات توليد الطاقة الكهربائية. ولفت الى انشاء مجموعات عمل بين وزارتي البترول والطاقة في البلدين من اجل تنسيق العمل وإفادة لبنان من الخبرات المصرية في مجال القطاع النفطي والغازي، مشيرا الى ان مصر معنية أيضا بتوفير البنى التحتية الضرورية.
وزار الوزير بدوي رئيس مجلس النواب نبيه بري وتناول اللقاء عرض للاوضاع العامة وعلاقات التعاون الثنائي بين لبنان ومصر في مختلف المجالات اضافة لتوقيع مذكرة التفاهم..
تفجير منزل وقصف حدودي
على الارض، واصلت اسرائيل قصف المناطق الحدودية، فيما تسللت مجموعة من جنودها الى ميس الجبل، وفجرت منزلاً سبق وتعرّض لقصف خلال الحرب كما شنت اسرائيل غارة على ضفاف الليطاني.

 

 

 

 

 

 "البناء":

كان على مَن يريد فهم حقيقة ما يمثله لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن ينقب عن الكلمات المفتاحية التي تسمح بالاستنتاج، وسط سيل من المدائح وتعابير الثناء المتبادل بين ترامب ونتنياهو، والتي غلبت عليها الأوصاف الخرافية التي أطلقها ترامب على نتنياهو كبطل يجب على المستوطنين تقدير نعمة وجوده بينهم، وإعادة انتخابه حاكماً وحامياً، وصولاً إلى القول إنه لولا وجود نتنياهو ولولا دعم ترامب لما كانت "إسرائيل" بقيت على قيد الوجود، ويمكن فهم هذه المدائح بما في ذلك اللجوء إلى الكذب من جانب ترامب في قضية العفو عن نتنياهو، بالقول إنه تبلغ من رئيس الكيان أن الأمر قيد الإنجاز وهو ما نفته رئاسة الكيان فوراً ونفت أن يكون قد جرى أي اتصال مع ترامب منذ كلمته أمام الكنيست التي طلب فيها العفو لنتنياهو، إذا انتبهنا أن غالبية الأسئلة التي أراد ترامب الإجابة عليها والتعامل معها هي تلك التي جاءت من الصحافيين الذين رافقوا نتنياهو، لنقل مباشر على الهواء للقنوات المؤيدة لنتنياهو في الكيان، إلى حد أن موعد اللقاء تمّ تقريبه ساعتين بناء على طلب نتنياهو ليتلاءم موعد المؤتمر الصحافي الأول الذي سبق الاجتماع مع مواعيد نشرات الأخبار داخل الكيان، بما لا يدع مجالاً للشك في أولوية الطابع الانتخابي لزيارة نتنياهو الذي يعاني من تراجع شعبيته من جهة ومن مخاوف مسار الملاحقة القضائية من جهة موازية، وما قدّمه ترامب لنتنياهو على هذا العصيد كان غاية في الأهمية والثمن يبدو أنه سوف يكون بالأهمية ذاتها، على مدى سنة الانتخابات التي تنتظر كلاً من أميركا والكيان، وحيث الهدوء الإسرائيلي يفيد ترامب انتخابياً، والدعم الأميركي المتواصل انتخابياً يفيد نتنياهو بعدما صارت قناعة المتسوطنين أن ترامب هو الناخب الأكبر في انتخاباتهم بعدما صارت حماية "إسرائيل" ترتبط بأميركا منذ الحروب الأخيرة، خصوصاً مع إيران.
على صعيد المواقف لا حاجة للتذكير بأن أهداف وتطلعات واشنطن وتل أبيب واحدة، سواء لجهة الموقف من البرنامج النووي أو البرنامج الصاروخي لإيران، أو لجهة مستقبل سلاح المقاومة في غزة ولبنان، ولم تأت الزيارة بجديد على هذا الصعيد، لكن ما جاء ينشده نتنياهو من تفويض بالتصرف بدعم أميركي واستعداد للمشاركة إذا اقتضى الأمر، لم يحصل عليه، حيث يفضل ترامب منح المسار التفاوضي مع إيران فرصة، ويعتبر أن نزع سلاح حماس مسؤولية الدول العربية والإسلامية الضامنة وليس مطلوباً من "إسرائيل"، وفي لبنان سننتظر ونرى، لأن الدولة وضعها صعب، لكن ترامب لم يمنح ضم الضفة أو أجزاء سياسية منها التغطية بل انتقد علناً ما وصفه بـ عنف المستوطنين وقال إنه موضوع خلاف، وفي سورية نصح ترامب بعلاقة أفضل مع الحكم الجديد وأبدى استعداده للمساعدة، بينما أعاد نتنياهو تكرار أهدافه وخططه، وبدا ترامب معنياً بالتأكيد على مكانة وأدوار حلفائه في المنطقة، مثل السعودية ومصر، ولكن خصوصاً تركيا التي تشكل موضوع خلاف مع نتنياهو في سورية وغزة، لكن ترامب يعد بترتيب العلاقات الإسرائيلية التركية، وهذا كله يعني مسارات هشّة في كل الساحات، لضمان حد من التهدئة في ظل عدوانية إسرائيلية مستمرة، ويكفي فقط عدم الانفجار ليتحدث ترامب في انتخاباته كبطل سلام، وتصدق الاستراتيجية الأميركية للأمن القومي بالخروج من حروب لا نهاية لها ومنح الأولويّة للجوار الأميركي.

فيما يودّع العام أيامه الأخيرة بلقاء هامّ بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط حال من الترقب لنتائج لقاء فلوريدا وتداعياته على المنطقة ولبنان، رُحِّلت الملفات الداخلية السياسية منها والمالية والاقتصادية إلى العام الجديد في ظلّ توقعات تتراوح بين التصعيد العسكري الإسرائيلي على وقع تفعيل المسار التفاوضي عبر لجنة «الميكانيزم»، وبين الحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان.
مصادر سياسية دعت إلى ترقب نتائج لقاء ترامب ـ نتنياهو وما سيتمخض عنه من قرارات واتفاقات أكان لجم اندفاعة رئيس حكومة «إسرائيل» في لبنان وغزة وإيران، أو أخذ الضوء الأخضر لاستئناف مشاريعه الحربية في المنطقة، أو الاتفاق على إدارة الحروب والأزمات ضمن سقف المصالح الأميركي الاستراتيجية في المنطقة لا سيما عدم اندلاع حرب شاملة في المنطقة انطلاقاً من وثيقة الأمن القومي الأميركي. ولفتت المصادر إلى أنّ لبنان جزء من المنطقة وأحداثها وتداعياتها، وبالتالي قرارات ترامب ـ نتنياهو ستحدّد مسار الاستحقاقات والأحداث في لبنان». واستبعدت المصادر ذهاب «إسرائيل» إلى حرب موسّعة على لبنان في المدى المنظور لغياب الظروف الإقليمية والدولية الموضوعية وغياب القدرة والإمكانات اللازمة وعدم ضمان نتائجها بالقضاء عسكرياً على حزب الله وخطر التفريط بالإنجازات التي حققتها «إسرائيل» خلال حرب العامين. لذلك ترجح المصادر أن يطغى المناخ التفاوضي على المناخ الحربي وأن تؤدي الاتصالات والمفاوضات والمبادرات الدولية والإقليمية إلى كبح جماح «إسرائيل» ومنح لبنان مهلة إضافية لمدة شهرين لمعالجة مسألة السلاح شمال الليطاني. لكن المصادر «لا تستبعد فرضية التصعيد العسكري الإسرائيلي المفاجئ بتوجيه سلسلة ضربات مؤلمة لحزب الله في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وقد تطال مناطق سكنية يدّعي الاحتلال وجود سلاح وصواريخ داخلها وقد يستهدف مصالح للدولة اللبنانية للضغط على الحكومة لتقديم مزيد من التنازلات».
وعلمت «البناء» أنّ حركة لقاءات واتصالات عربية مصرية ـ سعودية ـ قطرية مكثفة تحصل منذ أسبوعين لمحاولة احتواء التصعيد الإسرائيلي والتوصل إلى حلول، واللقاء السعودي ـ القطري في السعودية يأتي في هذا السياق والذي جاء بعد زيارة وفد من حزب الله إلى قطر.
وكشف مسؤول لبناني عن مساعٍ سعودية حثيثة مع دوائر القرار الدولي للضغط على «إسرائيل» لوقف اعتداءاتها على لبنان والالتزام بالخيار التفاوضيّ وتطبيق القرارات الدولية، ولفت المسؤول لـ»البناء» إلى أنّ المباحثات الدولية والعربية تتمحور حول تثبيت الحكومة والجيش اللبناني خلوّ منطقة جنوب الليطاني من السلاح بشكل كامل وبسط سيطرة الدولة عليه، والتأكد من عدم قيام حزب الله بشن هجمات على «إسرائيل» من الجنوب، وإعلان الحكومة الانتقال إلى المرحلة الثانية لحصر السلاح في شمال الليطاني أو احتواء السلاح ومنع استخدامه، يقابله وقف الاعتداءات الإسرائيلية بشكل كامل والتفاوض على بدء الانسحاب من الأراضي المحتلة وتسوية المناطق المتنازع عليها وتثبيت الحدود واستعادة الأسرى وعودة النازحين والبدء بإعادة الإعمار». لكن وفق معلومات «البناء» لم يستطع أيّ من الموفدين الدوليين ولا حتى الأميركيين انتزاع وعود من الحكومة الإسرائيلية بتقديم خطوة مقابل الخطوات التي يقدمها لبنان.
وفي سياق ذلك، أكد السفير المصري علاء موسى خلال مؤتمر صحافي العمل على تخفيض حدة التوتر، لافتاً إلى أن وزير الخارجية المصري أجرى اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف الرئيسية المعنية بالملف، ومع مزيد من الجهود يمكن الوصول إلى نتيجة، ونتمنى أن تنخفض حدة التوتر في الفترة المقبلة.
ورداً على سؤال، قال «لا أنقل تحذيراً بل دعوة لتطبيق القرارات الدوليّة والدولة اللبنانية قامت بدور مهمّ وكذلك الجيش في الجنوب ونقدّر أنّ الحلّ الوحيد لما نحن عليه الآن هو تطبيق الاتفاقات وهذا ما ننسّقه مع الشركاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة، والوزير عبد العاطي على تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي لحثّه على التخفيف من حدّة التوتّر».
إلى ذلك، تتجه الأنظار مطلع العام إلى التوجهات التي ستسلكها الحكومة اللبنانية حيال ملف السلاح في ضوء تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من حصر السلاح شمال الليطاني سواء تحقق الانسحاب وتوقف العدوان أم لم يتحقق، وماذا سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي نقل زواره عنه لـ»البناء» التزام لبنان بالقرار 1701 واتفاق 27 تشرين وبالمسار التفاوضي عبر الميكانيزم وحصرية السلاح على كامل الأراضي اللبنانية وفق خطاب القسم والبيان الوزاري مع ضرورة وقف «إسرائيل» لعدوانها والانسحاب من الأراضي المحتلة. وماذا سيكون موقف الثنائي حركة أمل وحزب الله إذا اتخذت الحكومة قرارات شبيهة بقراري 5 و7 آب تحت الضغط الدبلوماسي الأميركي الغربي والتهديد بحرب عسكرية إسرائيلية؟ علماً أنّ مصدراً وزارياً في «الثنائي» استبعد اتخاذ قرار حكومي بالانتقال إلى المرحلة الثانية من دون البحث بالتزامات «إسرائيل»، موضحاً عبر «البناء» أنّ مجلس الوزراء سيطلع خلال جلسة يعقدها في السابع من الشهر المقبل على تقرير الجيش اللبناني حول نهاية المرحلة الأولى وتقدير ورأي قائد الجيش بما يخصّ المرحلة الثانية والمراحل الأخرى، مرجحاً أن يعلن مجلس الوزراء إنجاز الجيش اللبناني للمرحلة الأولى من خطة الجيش وفق قرار مجلس الوزراء في 5 و7 آب و5 أيلول، وربط ذلك بالتوازي مع وقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي.
وشدّد المصدر الوزاري على ثوابت يلتفّ حولها أغلب القوى المكوّنة للحكومة وهي عدم التنازل عن السيادة والحقوق اللبنانية، والتمسك بتطبيق القرارات الدولية من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وضرورة مطالبة الدول الراعية لاتفاق 27 تشرين بإلزام «إسرائيل» بتطبيق موجباتها في الاتفاق قبل أن ينتقل لبنان إلى المراحل الثانية، وعدم اتخاذ أيّ قرار يؤدي إلى صدام بين الجيش والمقاومة وحرب أهليّة.
في غضون ذلك، حمل خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جملة رسائل باتجاهات مختلفة، وأشارت أوساط سياسيّة في فريق المقاومة لـ»البناء» إلى أنّ توقيت خطاب الشيخ قاسم كان مقصوداً، إذ جاءت الرسائل عشية اجتماع ـ ترامب ـ نتنياهو، بأنّ حزب الله لن يستسلم للضغوط والإملاءات الخارجية ولا يخشى الحرب العسكرية الإسرائيلية ولا الضغوط الدبلوماسية والعقوبات والحرب الأهلية وأنّ الحزب سيقاتل للدفاع عن النفس وليس للهجوم لكن الحزب في الوقت عينه منفتح على الحلول ومناقشة مصير سلاحه من باب كيفية حماية لبنان عبر استراتيجية أمن وطني بعد وقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وعدم عرقلة إعادة الإعمار، وهذا قطع الطريق على نتنياهو لتحريض ترامب للموافقة على توجيه ضربات عسكرية لحزب الله ولبنان. كما جاء الخطاب رداً على رئيس الحكومة نواف سلام بعد أيام قليلة على تصريحه بشأن المرحلة الثانية من حصرية السلاح، وقبيل أسبوع من اجتماع الميكانيزم وجلسة مجلس الوزراء لمناقشة المرحلة الثانية من حصرية السلاح. لكن قاسم وفق الأوساط وجه رسالة مزدوجة للرئيسين عون وسلام، قاطعاً الطريق على طلبهما من الحزب تقديم تنازلات إضافية قبل التزام الاحتلال بموجباته، ودعوة للرئيسين بوقف مسلسل التنازلات المجانية مقابل وعود وهمية.
وتوقعت الأوساط أن يلقي كلام الشيخ قاسم ثقله على موقف بعبدا والسراي الحكومية ومجلس الوزراء وبأن لا تقدم الحكومة على غلطة فادحة شبيهة بقراري 5 و7 آب وتدخل البلاد في أتون التوتر والفوضى السياسية والحكومية والأمنية في الشارع. وحذرت الأوساط من أن الحكومة في وضع لا يُحسد عليه وهي لا «تهزها واقفة على شوار»، ولم تنجح في معالجة الملفات الأساسية مثل حماية لبنان والاستراتيجية الدفاعية واستراتيجية الأمن الوطني وتسليح الجيش وتحرير الجنوب وحماية لبنان ووقف الاعتداءات بالخيار الدبلوماسي، ولا في إعادة الإعمار وإيواء النازحين ولا في الكهرباء والطاقة والنازحين السوريين وحتى قانون الفجوة المالية لم يحظَ لا بموافقة المودعين ولا حتى المصارف وهُرِب في الحكومة بطريقة غير دستورية، ومستبعد تمريره في المجلس النيابي»، وبالتالي الحكومة ستجد نفسها في نهاية المطاف أمام الشارع والغضب الشعبي الذي يزداد عليها ولو أنها لا زالت مستمرة بقوة الأمر الواقع والإرادة الخارجية والأميركية تحديداً.
وفي سياق ذلك، دعا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فيّاض في كلمة له في احتفال حزبي، إلى «تصوّر أكثر اعتدالاً وواقعية ومسؤولية، يقوم على الالتزام بالقرار الدولي 1701 وإعلان وقف إطلاق النار وأولوية الانسحاب «الإسرائيلي»، وإيقاف الأعمال العدائيّة، وإطلاق عملية إعادة الإعمار، وإطلاق الأسرى، ومن ثمّ إطلاق مسار التعافي الاقتصادي والاجتماعي والإصلاحات السياسية، ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي تراعي الخصوصية اللبنانية وحاجاته الواقعية والممكنة لحماية أرضه وسيادته والدفاع عن نفسه، مع تأكيدنا على أنّ الامتداد الطبيعي السياسي والاقتصادي للبنان هو هذه البيئة العربية ـ الإسلامية إقليمياً، والتي يجب أن نعمل على ترميم علاقات لبنان بها وجعلها على أفضل ما يكون في إطار احترام السيادة وعدم التدخُّل في الشؤون الداخلية».
وقال فيّاض: «على الجميع أن يتذكَّر أنّ حزب الله هو الحزب السياسي الأكبر شعبياً في لبنان، وأنّ وزنه ودوره لا يمكن تجاوزهما، وأنّ المعيارين الميثاقي والديموقراطي يفرضان التفاهم معه، لهذا نحن نرى أنّ لبنان على مفترق، ونحن ندعو الجميع للتعاون في سبيل إنقاذ السيادة وإطلاق مسار التعافي وحماية الاستقرار وبناء الدولة».
واستقبل رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، رئيس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة «الميكانيزم»، السفير السابق سيمون كرم، وتمّ البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر عقده في 7 كانون الثاني المقبل.
وأكد رئيس الجمهورية أمام وفد قيادة الجيش برئاسة العماد رودولف هيكل أن «التاريخ سيشهد أنّكم أنقذتم لبنان في الماضي، وستنقذونه في الحاضر، لأنكم تعملون لمصلحة وطنكم، وليس لمصلحة أحد». وأكد الرئيس عون خلال استقباله وفد قيادة قوى الأمن الداخلي برئاسة اللواء رائد عبد الله أنّ «مساهمتكم ساعدت في تثبيت الأمن والاستقرار في لبنان، والتنسيق القائم مع الأجهزة الأمنية الأخرى يجعل مهمتكم ناجحة». وقال لوفد أمن الدولة برئاسة اللواء ادغار لاوندس «‏نجاحكم في ملاحقة الفساد أعاد إلى الدولة هيبتها، وزاد إيراداتها».
وفيما وقّع الرئيس عون مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع وأحاله إلى المجلس النيابي، واصل رئيس الحكومة نواف سلام حملة دفاعه الشرسة عن القانون رغم الثغرات المتعددة والشوائب فيه لا سيما قضم ما تبقى من ودائع صغار المودعين وغياب الأرقام الدقيقة للفجوة وتجاهل المسؤولين عن الأزمة وتحويل الأموال والهندسات المالية وغياب التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والتدقيق في الأموال المهربة إلى الخارج عبر المصارف ومصرف لبنان وفق ما يشير خبراء اقتصاديون وماليون لـ»البناء»، ولفت سلام إلى أنّ «مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع الذي أقرّه مجلس الوزراء، سيسلك طريقه اليوم إلى مجلس النواب بعد توقيع المرسوم الخاص في هذا الشأن».
وخلال مؤتمر صحافي من السرايا الحكومية رأى سلام أن «مشروع القانون سيدفع أموال المودعين من دون نقصان، ويفرض غرامات على الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج قبل الانهيار المالي والمصرفي لمدة ستة أشهر… وبعده، وعلى الذين استفادوا من الهندسات الماليّة ومن الأرباح والمكافآت المفرطة، وهو يدعو أيضاً إلى مواصلة التدقيق الجنائي والمحاسبي، خلافاً لما حاول البعض نكرانه». وكرّر بأنّ «هذا القانون ليس مثالياً، لكنه أفضل الممكن على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار، حيث عملنا ضمن الإمكانات المتاحة واستناداً إلى توقعات مدروسة».
في المقابل، اجتمع أمس مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان للتداول في المرسوم رقم 2224 تاريخ 29 كانون الأول 2025 الذي أحال إلى مجلس النواب مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع. وفي ضوء ما تقدم، قرّر المجلس، بحسب بيان، «دعوة المصارف العاملة في لبنان إلى اجتماع يُعقد في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر الإثنين المقبل 5 كانون الثاني 2026، للتشاور في موضوع مشروع القانون المذكور واتخاذ القرارات المناسبة بهذا الصدد».

 

 

 

 

 

"الشرق":

لا خبر يعلو في قائمة الاهتمامات والمتابعات السياسية المحلية والدولية، فوق اجتماع الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في فلوريدا مساء بتوقيت بيروت. ملفات المنطقة من غزة الى ايران ومن سوريا الى لبنان مروراً بالعراق والصومال ستحضر كلها على طاولة المباحثات، فيما يترقب لبنان المفاعيل وكيفية ترجمتها على ارضه في ضوء اصرار نتنياهو على تسديد ضربة لايران وحزب الله، تعزز حظوظها مواقف امينه العام الشيخ نعيم قاسم، المتصلبة حيال استكمال خطة حصر السلاح، مع مخاوف من انعكاسها سلباً على مصير المرحلة المقبلة في لبنان، أمنياً وعسكرياً.
ساعات قبل الاجتماع اعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية "ان نتنياهو سيثير مع ترامب مسألة الخطر الذي تشكله إيران ليس بالنسبة للشرق الأوسط فحسب بل كذلك للولايات المتحدة"، موضحة انه "سيبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة التي تنص على ضمان نزع سلاح حماس وتجريد قطاع غزة من السلاح"، في حين أفيد ان مسؤولين في البيت الأبيض يشعرون بالقلق مما يعتبرونها مماطلة من حماس وإسرائيل في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
اجتماع الميكانيزم: في الانتظار، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، رئيس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة "الميكانيزم"، السفير السابق سيمون كرم، وتم البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر عقده في 7 كانون الثاني المقبل.
مصر لخفض التوتر: وسط هذه الاجواء، أكد السفير المصري علاء موسى في خلال مؤتمر صحافي العمل على تخفيض حدة التوتر، لافتًا الى أن وزير الخارجية المصري أجرى اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف الرئيسية المعنية بالملف، ومع مزيد من الجهود يمكن الوصول الى نتيجة، ونتمنى أن تنخفض حدة التوتر في الفترة القادمة. وتابع "مهتمّون بما يحدث في لبنان خصوصاً ما يتعرّض له من تهديدات في الجنوب ومناطق أخرى". وردًا على سؤال، قال "لا أنقل تحذيراً بل دعوة لتطبيق القرارات الدوليّة والدولة اللبنانية قامت بدور مهمّ وكذلك الجيش في الجنوب ونقدّر أنّ الحلّ الوحيد لما نحن عليه الآن هو تطبيق الاتفاقات وهذا ما ننسّقه مع الشركاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة، والوزير عبد العاطي على تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي لحثّه على التخفيف من حدّة التوتّر". وهنأ الحكومة على نجاحها في إقرار قانون الفجوة الماليّة الذي يُعتبر خطوة مهمّة تعقبها المزيد من الخطوات.
ستنقذون لبنان: وسط هذه الاجواء، وعشية تقديم الجيش تقريره الى مجلس الوزراء الذي سيعلن فيه مبدئيا انتهاء عملية حصر السلاح جنوبي الليطاني، سُجلت اشادة من رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بدور الجيش اللبناني والاجهزة الامنية الشرعية، وذلك خلال استقباله امس وفودا من قيادات الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام.
الى البرلمان: يذكر ان الرئيس عون وقّع مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع وأحاله إلى المجلس النيابي.
سلاح المخيمات: على خط السلاح غير الشرعي ايضا، استقبل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، الممثل الخاص لرئيس دولة فلسطين محمود عباس السيد ياسر عباس يرافقه السفير الفلسطيني محمد الأسعد في زيارة معايدة لمناسبة الأعياد، وكانت فرصة لاستعراض العلاقات اللبنانية- الفلسطينية ووضع المخيمات في لبنان إضافة الى الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أكبر مصيبة: في المواقف من المستجدات المحلية، أكّد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع أن لا عقدة تجاه "حزب الله"، ولا دوافع سياسية أو انتخابية ضيّقة للحديث عنه، إلا أن السبب الوحيد لتكرار التصويب عليه في التصريحات هو الضرر الكبير الذي ألحقه بلبنان، فوجوده خرّب البلاد، مشدداً على أنّ القوات ستستمر في مواجهة "حزب الله" سياسيًا وقول الحقيقة من دون خوف أو مساومة، لأنّه طالما هناك سلاح خارج الدولة لا دولة فعلية في لبنان. واعتبر جعجع أنّ "حزب الله" أكبر مصيبة في تاريخ لبنان الحديث، لأنه عطّل الحياة السياسية، ومنع قيام الدولة، وأدّى إلى الانهيار الاقتصادي والمالي والثقافي. وشدد على أنّ استمرار دعم إيران لـ"حزب الله" ليس مجانًا، بل لخدمة أهداف إقليمية، وللاستخدام كورقة تفاوض دولية، على حساب استقرار لبنان وأمنه. أما في موضوع الإنتخابات النيابيّة، فقد رأى جعجع خلال عشاء لمهندسي الإغتراب في "القوات"، أقامته مصلحة المهندسين في الحزب، في المقر العام في معراب، أنها هي المدخل الأساسي للخلاص، وأنّ على اللبنانيين أن يدركوا أنّ مصيرهم يتحدّد بالصوت الذي يضعونه في صندوق الاقتراع، منتقداً ثقافة التصويت على أساس عائلي أو مناطقي أو خدماتي، ومعتبرًا أنّها أحد الأسباب الرئيسية للانهيار الحالي. وأكّد أنّ مركز السلطة الفعلية في لبنان هو مجلس النواب، وأنّ امتلاك أكثرية واضحة فيه كفيل بحسم المواجهة. ودعا إلى عدم التصويت لمحور الممانعة أو لـ"التيار الوطني الحر"، معتبرًا أنّ التصويت لهما خطأ فادح أثبتت التجربة نتائجه الكارثية على البلد. كما حذّر من التصويت "غير المفيد" أو ما يُعرف بـvote inutile، أي انتخاب نوّاب بلا تأثير سياسي فعلي، لأنّهم يشغلون المقاعد من دون قدرة على التغيير.

 

 

 

 

 

"الشرق الأوسط":

أثارت مواقف الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، برفضه نزع سلاحه واتهامه السلطة اللبنانية بنزعه لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، مجموعة من التساؤلات، أبرزها التوقيت الذي اختاره على مشارف انعقاد القمة بين الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الذي يحاول إقناعه بتوسعة الحرب ضد «الحزب» بذريعة استعادته قدراته العسكرية، وما إذا كان يتوخى من مواقفه إسناد إيران سياسياً بتمريره رسالة إلى البيت الأبيض في ضوء تلميح أميركي إلى معاودة المفاوضات مع طهران.فمواقف قاسم ترخي بتداعياتها على الداخل، وتتزامن مع اقتراب اجتماع لجنة الـ«ميكانيزم» لتقييم المرحلة الأولى من انتشار الجيش في جنوب نهر الليطاني، وعدم استكماله حتى الحدود الدولية مع إسرائيل؛ بسبب احتلالها عدداً من التلال الحدودية، واستعداد مجلس الوزراء للانعقاد في نهاية الأسبوع الأول من العام المقبل في جلسة تخصّص للوقوف على تقرير قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، بشأن ما أُنجز في جنوب النهر تطبيقاً للمرحلة الأولى.وفي هذا السياق، قالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن انتشار الجيش في المرحلة الثانية، من شمال النهر حتى «الأولي»، يتوقف على تقييم مجلس الوزراء لتقرير هيكل. وأكدت أن لبنان لم يكفَّ عن مطالبة الولايات المتحدة، بصفتها الدولة الراعية - إلى جانب فرنسا - اتفاق وقف الأعمال العدائية، بتنفيذها ما كانت تعهدت به من تطبيق تلازم الخطوات قبل أن تتراجع عن موقفها لرفض نتنياهو التجاوب.ولفتت المصادر إلى أن إعلان رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، عن التحضير للانتقال للمرحلة الثانية من دون تحديد موعد زمني لتنفيذها، يعود القرار فيه إلى مجلس الوزراء في ضوء التقرير الذي سيطلعه عليه هيكل. وقالت إنه بموقفه يهدف إلى تمرير رسالة إلى ترمب وهو يستعد للقاء نتنياهو يؤكد فيها التزام لبنان بالمراحل لتطبيق حصرية السلاح، وأن تسهيل انتشار الجيش لهذه الغاية يتطلب الضغط على إسرائيل لإلزامها اتخاذ خطوات من الاتفاق الذي نص على وقف الأعمال العدائية.ورأت أن استبعاد رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، شبح الحرب عن لبنان لم يأت من فراغ، وإنما جاء تتويجاً للاتصالات التي يجريها، وأولها بالإدارة الأميركية؛ مما يعني أن لديه رهاناً بتدخل ترمب لدى نتنياهو لمنعه من جنوحه نحو توسيع الحرب.
لكن المصادر سألت: «لماذا لم يتريث قاسم ريثما تنتهي القمة الأميركية - الإسرائيلية ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه بدلاً من حرقه المراحل برفعه سقفه السياسي، متهماً السلطة بالعمل لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل لمطالبتها بحصر سلاح (حزب الله)؟ وهل استبق مواقفه هذه بإعلام عون بما لديه من مخاوف وهواجس عبر حواره المتقطع مع رئيس كتلة (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد الذي يُفترض، في غياب التواصل المباشر، أن يحيط الموفد الرئاسي، العميد المتقاعد أندريه رحال، بما يدعوه إلى القلق؟».كما سألت قاسم عن «المقصود من كلامه بأنه لن يعطي شيئاً بعد الآن؟ وهل يريد ثمناً سياسياً ليقدم مزيداً من العطاءات، مع أن ما قدمه، وتحديداً في جنوب الليطاني، أدى إلى وقف إطلاق النار ولو من جانب لبنان، وهذا ما ألحّ عليه (الحزب) ووافق على مندرجاته بتفويضه حليفه رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الذي توصل إليه مع الوسيط الأميركي في حينها آموس هوكستين من دون أن يبدي (الحزب) ما ينم عن عدم رضاه؟ وهل يريد أن يحاكم السلطة على النيات باتهامها بالعمل لمصلحة إسرائيل والولايات المتحدة، مع أن المطلوب منه إيداع الدولة سلاحه انسجاماً مع تأييده القرارات الدولية الخاصة بلبنان، إضافة إلى (اتفاق الطائف)، وأن أحداً لم يطالبه بنزعه لمصلحتهما؟».بدورها، قالت مصادر سياسية في معرض ردها على اتهامات قاسم بأن الدولة، وفق ما لديها من معلومات، «لم تطلب منه تسليم سلاحه لإسرائيل والولايات المتحدة، بقدر ما أن المطلوب من (الحزب) إيداع الدولة ما تبقى منه لتحصين موقفها في المفاوضات التي تتجاوز الـ(ميكانيزم) إلى واشنطن؛ لأنها كانت تعهدت بإلزام تل أبيب تطبيق وقف الأعمال العدائية بإسقاط ما تتذرع به لتوسعة الحرب بحجة استعادة (الحزب) قدراته العسكرية»، وأكدت أن «(الحزب) بتسليمه سلاحه للدولة يكون قد أوفى بتأييده تطبيق القرار (1701) الذي كان يفترض أن ينفّذ في أعقاب انسحاب إسرائيل من الجنوب في أيار (مايو) 2000 استكمالاً لجمع السلاح غير الشرعي».وسألت: «كيف يوفق (الحزب) بين احتفاظه بسلاحه وتأييده (1701) الذي ينص على بسط سلطة الدولة على كل أراضيها، معطوفاً على القرار (1559) الذي نص على نزع سلاح المجموعات المسلحة، والقرار (1680) المتعلق بضبط الحدود اللبنانية - السورية وترسيمها براً وبحراً لوقف أعمال التهريب».
ولفتت إلى أنه «كان حريٌّ بقاسم بدل اتهامه السلطة، أن يسحب وزيريه من الحكومة؛ لأنه ليس من المستحسن أن يتعايش الأضداد تحت سقف واحد، مع أنه باتهامه يناقض نفسه بموافقته على البيان الوزاري، وتحديداً ما يتعلق باحتكار الدولة السلاح، وانقلابه لاحقاً على الحكومة». وقالت إنه «بمواقفه التصعيدية يحشر حزبه، قبل الآخرين، ويحرج السلطة. وإلا فما هو تفسيره لموقف سابق طمأن به المستوطنات في شمال فلسطين بأنه لا خطر عليها، وأن سلاحه للدفاع عن النفس وليس لأغراض قتالية أو هجومية، وبالتالي فأين سيصرف استعادته قدراته العسكرية؟ وألَم يكن في غنى عن توفير الذرائع لنتنياهو؟».وقالت إن لبنان يدفع فاتورة «لا تقدر تكاليفها بثمن؛ سواء أكانت مادية أم بشرية، وجاءت نتيجة تفرّد (الحزب) بإسناده غزة. والحكومة تعمل على محو آثار ما خلفه العدوان على لبنان، وهي تسعى جاهدة لتقديم أوراق اعتمادها للمجتمعَين الدولي والعربي لإدراج لبنان في لائحتَي اهتمامهما المشروط بأولوية حصر السلاح، وأنه لا إعمار للقرى المدمرة من دون تسليمه بحصريته دون شروط، وهذا ما يشكل عائقاً أمام استعجال انعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش».وأكدت المصادر أن الاجتماع التحضيري للمؤتمر، الذي كان عُقد في باريس، حدد موعداً مبدئياً لانعقاده في فبراير (شباط) المقبل، «لكنه ربط مكان وزمان انعقاده بحصرية السلاح بيد الدولة. وماذا يمنع قاسم من وقوفه خلفها بدلاً من إضاعته الفرصة، بتوفير الدعم المطلوب لتقوية موقفها في التفاوض مع واشنطن؛ لأن مزايدته الشعبوية بحثاً عن ثمن سياسي لن تُصرف محلياً ولا خارجياً، ولن يتأمن إلا من خلال الدولة أساساً لعودة الاستقرار للجنوب بالتزامها مسبقاً دفترَ الشروط الدولي والعربي للضغط على إسرائيل للانسحاب منه؟ وهل تكمن مصلحته في دخوله بمواجهة مع الحكومة وخصومِه؛ هي أشبه بمغامرة سياسية؟ ولن يسترضي بيئته ولا المزاج الشيعي في حال تأخر الإعمار بغياب توفير المساعدات الموعود بها لبنان في مقابل إدراجه حصرية السلاح بنداً أول على جدول أعمال الدولة».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الصحف اللبنانية