قاسم: نناقش استراتيجية الأمن الوطني بعد تنفيذ العدو الاتفاق ووقف خروقه
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Dec 28 25|19:02PM :نشر بتاريخ
رأى الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، أنه "لم يَعد مطلوبًا من لبنان أي إجراء على أي صعيد قبل أن يلتزم الإسرائيلي بما عليه، أمّا التبرع للعدو بإجراءات إضافية، سواء من الدولة اللبنانية أو غير ذلك، أو إبداء الاستعدادات المجانية، فهو تنازل وتبرع غير مسؤول، لا بل هو خطير ويتهدد المصالح الوطنية الكبرى". وقال: "لا تطلبوا منا شيئاً بعد الآن، وليس مطلوباً من الدولة أن تكون شرطياً عند إسرائيل، ولا أن تكون بلا سيادة". وتوجه الى العدو بالقول: "اركبوا أقصى خيلكم، وتعاونوا مع أسوأ خلق الله، واستخدموا وحشيتكم وإجرامكم، ولكن لن نَتراجع ولن نَستسلم وسندافع". واعتبر أن "على العدو الإسرائيلي أن ينفذ ما عليه من الاتفاق، وبعدها نُناقش استراتيجية الأمن الوطني بِإيجابية كاملة وبِتعاون كامل لما فيه مصلحة لبنان وقوته".
وقال قاسم في كلمة خلال الحفل التأبيني لمناسبة "الذكرى السنوية الثانية على رحيل فقيد الجهاد والمقاومة القائد الجهادي المؤسس محمد حسن ياغي (أبو سليم)": "الحاج أبو سليم منذ الشباب الأول، وهو في مسيرة الإسلام المحمدي الأصيل، كان في شهر آذار سنة 1974 من الحاضرين في مهرجان القسم للإمام المغيب موسى الصدر، ثم التحق مباشرةً بحركة المحرومين، وتسلّم مناصب عدة، آخرها المسؤول التنظيمي لإقليم البقاع. والمعلوم أن عمر الحاج أبو سليم عندما كان في مهرجان الإمام الصدر 14 سنة، يعني هو بدأ في سن مبكرة في أخذ هذا الاتجاه".
أضاف: "كان الفقيد الكبير من مستقبلي طلائع الحرس الثوري الإسلامي الإيراني سنة 1982، اشتهر بقوله: هؤلاء رُسل الإمام الخميني إلينا. تسلّم في حزب الله مسؤوليات عدة، مسؤولية مقر بعلبك في حزب الله، كان لفترة من الزمن نائب مسؤول منطقة البقاع عندما كان سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه مسؤولًا للمنطقة، ثم بعد ذلك تسلّم مسؤولية المنطقة. تسلّم أيضًا مسؤولية وحدة الأحوال المركزية، ومسؤولية الإعلام المركزي في حزب الله".
وتابع: "هو من سنة 1989 إلى سنة 1993 عضو في شورى حزب الله لِدورتين متتاليتين، وكان نائبًا لِرئيس المجلس التنفيذي أيضًا لِسيد شهداء الأمة السيد حسن رضوان الله تعالى عليه. كان واضحًا أن العلاقة والمتابعة والواقع العملي كانت في فترات متعددة مع سماحة السيد .اختارته الشورى نائبًا عن حزب الله عن منطقة بعلبك الهرمل من سنة 1992 إلى سنة 1996، ثم مرة ثانية من سنة 2000 إلى سنة 2005. هو في الحقيقة بقي في مواقع عدة مؤثرًا فاعلًا عاملًا مجاهدًا متصدّيًا، ومن سنة 2019 إلى وفاته سنة 2023 كان معاونًا تنفيذيًا للأمين العام".
وأوضح "أننا عندما نتحدث عن شخصية الحاج أبو سليم القائد المؤسس، نتحدث عن قدوته، من كان يقتدي بهم هذا القائد الجهادي. كانت قدوته الأولى المرجع الأعلى السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه، الإمام موسى الصدر أعاده الله سالمًا ورفيقيه، وبعد ذلك الإمام الخميني، الإمام الخامنئي. إذاً هو في الأجواء الإيمانية لِقادة كبار عظماء مؤسسين مبلغين عاملين في سبيل الله تعالى، يُحيون هذا الدين إحياءً عظيمًا. وفي هذه المرحلة تعرّف على سماحة السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، وصاحبه في العمل الجهادي في عدة مواقع، سواءً في حركة أمل أو بعد ذلك في حزب الله. وكان أول التعارف سنة 1978، يعني قبل انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بسنة، وقبل نشوء حزب الله بأربع سنوات. تعرّف هناك في بعلبك في حوزة الإمام المنتظر التي أسسها الشهيد السعيد سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، وبنى معه علاقة ممتازة عملية وجهادية، وفي الوقت نفسه مع سيد شهداء الأمة".
وأشار الى أن "المحيط الذي أحاط بالحاج أبو سليم هو محيط هؤلاء العلماء الكبار الذين تزود منهم، وعمل مع سماحة السيد حسن وسماحة السيد عباس. نستنتج من حياته الجهادية أن نهج المقاومة هو حياته، وأنه كان قائدًا ميدانيًا يُشارك في التظاهرات، يتحدث عن الشعارات، يقول الأناشيد، يمارس عمل اللطم، وبالتالي حتى كان ينشد: باقر الصدر منا سلاما. بمعنى آخر، هو كان قائدًا في الميدان".
وأكد قاسم أن "كل قادة حزب الله قادة في الميدان، كل العاملين في هذا الخط قادة في الميدان. ميزته أنه كان جزءًا لا يتجزأ من المسيرة العملية في كل المواقع الجهادية. كان ينظر إلى الأفق المستقبلي، أي أفق ينظر إليه، ينظر إلى أن يكون من جند الإمام المهدي، يعمل لهذا الانتظار العظيم، وبالتالي تأسيسه حياته، حركته، هي كلها في اتجاه إعلاء كلمة الحق ونشر العدالة التي يريد أن ينشرها إمامنا المهدي. الحاج أبو سليم مؤمن رسالي شجاع من أولي البأس، هو صاحب نخوة وصاحب حسٍ اجتماعي متواضع، بذل كل حياته بحمل هموم الناس، وخصوصًا الفقراء، وبالعمل مع المجاهدين، والمشاركة في كل تحرّك وحركة حزب الله الجهادية المتكاملة والمترابطة. والحمد لله كان لي النصيب الأكبر أن أكون معه، وأن أعمل معه، مع الإخوة المؤسسين لهذا الحزب. تصاحبنا في محطات عديدة وكثيرة، واستمررنا دائمًا في التشاور والتعاون. هو أخٌ عزيز وحبيب من الجيل المؤسس، موضع ثقة الأمين العام السيد حسن نصر الله".
وحيّا عائلة الفقيد أبو سليم، "القائد الجهادي المؤسس، وعائلته الشريفة، زوجته وأولاده وإخوته، وكل المحيطين به. هو إضاءة لهذا النور الكبير، وهم أيضًا يُمثلون هذا النهج، لأنهم كانوا لا يفترون على الإطلاق عن هذا الطريق، وعن هذا التوجه"، معتبراً أن "الحاج أبو سليم هو أيضًا نموذج مهم عن احتضان أهل البقاع وبعلبك الهرمل للمقاومة والشرف والعزة والكرامة. لا يمكن أن نذكر الحاج أبو سليم والقادة العظماء أمثال السيد عباس الموسوي، إلا ونذكر أهل البقاع، أهل بعلبك الهرمل، الذين كانوا من المتصدّين الأوائل لمشروع مواجهة إسرائيل ودعم المقاومة. أعطوها كل شيء".
ولفت الى أن "نشأة حزب الله كانت من منطقة بعلبك الهرمل، وكانوا دائمًا هم السبّاقين إلى عطاءات الدم، وعطاءات البذل، وعطاءات الجهاد. والآن لنا كل الفخر أن يكون البقاع، بعلبك الهرمل، في صدارة المواجهة، وفي صدارة الدفاع عن الجنوب، وعن لبنان، وعن قضية فلسطين، وعن الحرية والكرامة والفخر".
وقال قاسم: "نحن في ذكرى ولادة السيد المسيح عيسى بن مريم، سلام الله تعالى عليه، هو نبيٌ من أنبياء أولي العزم الخمسة، هو الذي نشر رسالة السماح والمحبة والأخلاق والفضيلة على مستوى العالم. مُبارك لمسيحيي لبنان والعالم. هذه الولادة الميمونة المباركة، وإن شاء الله تسود تعاليمه السماوية في التربية والأخلاق والمحبة والفضائل كل هذا الفضاء العالمي الذي نحتاج إلى أن نُوجهه باتجاه الفضائل والأخلاق".
وأشار الى "أننا في بدايات شهر رجب، وهو شهر الرحمة، الشهر الذي يصب الله تعالى فيه الرحمة صبًا على عباده كما ورد في الروايات، وهو من أشهر النور الثلاثة: رجب، شعبان، رمضان". وعزّى بِوفاة "العالم الرباني المجاهد والمقاوم سماحة الشيخ رضا مهدي، الذي كانت له الأيادي الفاضلة، في التربية والتثقيف والتوجيه في المنطقة الغربية لِبيروت من خلال جمعية علم الهدى، والعلاقات مع الناس، ومن خلال تجمع علماء جبل عامل. هو صاحب تاريخ حافل بالمساعدات للمقاومين المجاهدين، وله علاقات واسعة ومتنوعة. لقد ترك بصمةً مهمة، رحمه الله".
وعن الوضع السياسي، رأى قاسم أن "لبنان اليوم في قلب العاصفة وعدم الاستقرار، ولكن ما هو السبب؟ السبب أميركا الطاغية والعدو الإسرائيلي، هما السبب الأساسي والمركزي والأول لِعدم الاستقرار في لبنان، وللكثير من المشكلات والتعقيدات التي أصابت اللبنانيين. من ناحية، رعت أميركا الفساد في لبنان وحمت رؤوس الفساد، ومن سنة 2019 وهي تعمل على تخريب الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي، وتُثير الفتن، وتُقيم العقوبات، وتعمل على الوصاية، والآن هي تتحكم بكثير من المفاصل اللبنانية، وهذا ما يُسبب عدم الاستقرار والمشكلة في لبنان. والسبب الثاني هو العدو الإسرائيلي الذي لم يتوقف عن عدوانه، والذي كان دائمًا له أطماع في لبنان. هو كيان غاصب توسعي، يعتدي على لبنان في محطات مختلفة، ولم يتوقف عدوانه الأخير رغم الاتفاق الذي انعقد في تشرين الثاني سنة 2024".
أضاف: "أما المشكلات الداخلية في لبنان من الفتن والفساد والرواد المعروفون، فهؤلاء يتغذون من الحضور الأميركي والعدوان الإسرائيلي للأسف. في المقابل لدينا مسار لحزب الله في لبنان، كل مسار الحزب مُشرق ومضيء ومتلألئ. حزب الله ومقاومته الإسلامية حرروا لبنان، وليس جنوب لبنان فقط، حرروا لبنان، طبعًا بالتعاون مع كل المقاومين الشرفاء من الأحزاب والفصائل المختلفة، ومن كذلك الدعم الموجود من الجيش اللبناني، من الشعب، يعني لم يكن حزب الله وحده، لكن هو مُضيء في التحرير وتقديم التضحيات من أجل الوطن ومن أجل طرد إسرائيل من بلدنا. تَميز حزب الله أيضًا بِنظافة الكف في العمل النيابي والعمل الحكومي، والعلاقة مع السلطة، وكذلك في خدمة الناس، بحيث أنك أينما سألت عن نواب حزب الله، وزراء حزب الله، عن العاملين في الحقل العام، ترى أن الحديث دائماً عن التضحية ونظافة الكف والإنجازات، والقدرة العملية المهمة التي تنفع الناس. كذلك كانت لِحزب الله مساهمة في بناء الدولة، دائمًا نعمل على أن نبني وأن نكون ضمن القوانين، وأن نبتعد عن كل الأوضاع الشعبية التي تُبعد عن الالتزام بالقوانين. وأما خدمة الناس فهي أساس وأصل. نحن جماعة خدمة، خدمة للناس، ليس من أجل لا الانتخاب ولا من أجل أن نمثل الناس، وإنما من أجل أن نقوم بواجبنا مع الله تعالى تجاه هؤلاء الناس. إذن سيرة حزب الله ودور حزب الله ومكانة حزب الله كلها سيرة نظيفة، متلألئة، عظيمة بالأخلاق والعمل والسياسة وبناء الدولة والمقاومة والتحرير. نحن اليوم أمام مفصلٍ تاريخي: إما أن نُعطي أميركا وإسرائيل ما تريدان، وهما تريدان الوصاية الأميركية الكاملة على لبنان وبداية تفتيت لبنان وذوبانه من خلال التحكم الإسرائيلي بِأرضه، على الأقل من خلال الجنوب، ومن خلال السيطرة الأمنية الكاملة على لبنان، وإما أن نَنهض وطنيًا فنستعيد سيادتنا وأرضنا ونبني دولتنا ووطننا".
وتابع: "نحن أمام مفصل تاريخي لهذين الخيارين. هناك قضيتان مطروحتان بشكل أساسي وبارز وفي الأولوية: القضية الأولى نزع السلاح، يطرحها الأميركي والإسرائيلي، ويُساعده بعض من في الداخل في لبنان. القضية الثانية استعادة سيادة لبنان من خلال طرد إسرائيل وبناء الدولة، وهذا أيضًا له جمهوره الواسع والمؤثر بِحمد الله تعالى. طيب، إذا أتينا لموضوع نزع السلاح، كيف نراه كقضية؟ نزع السلاح هو مشروع إسرائيلي أميركي، حتى ولو سموه في هذه المرحلة حصرية السلاح، هذا لا يُغير من الوجهة لأن التوقيت توقيت على الإيقاع الأميركي الإسرائيلي. طيب إذا كنتم تقولون إنه لا، ليس له علاقة، طيب أجلوا موضوع حصرية السلاح حتى ننتهي من الوضع القائم ومن ثم نرى ماذا نعمل بموضوع حصرية السلاح. أما أن تطلبوا حصرية السلاح في الوقت الذي تعتدي فيه إسرائيل وتدخل أميركا في الوصاية على لبنان، وتُجرد لبنان من قوته، فمعنى هذا أنكم لا تعملون لِمصلحة لبنان، وإنما تعملون لِمصلحة ما تُريده إسرائيل. ونحن نسمع كما يسمع الجميع، نزع السلاح هو جزءٌ من مشروع يصل إلى إنهاء قدرة لبنان العسكرية. هذا واحد، واثنين: ضرب القدرة المالية والاجتماعية لفئة وازنة من اللبنانيين. ثالثاً، إيقاع الخلاف بين حزب الله وحركة أمل من أجل تفتيت هذه القدرة المتماسكة. رابعاً، إيجاد الفتنة بين الجيش اللبناني والمقاومة والناس على قاعدة تخريب وضع هذا البلد بطريقة يصبح فيه ضعيفًا جدًا ومحتاجًا للآخرين. خامساً، إبقاء الاحتلال للنقاط الخمس التي أصبحت تسع وغير ذلك، وأن يبقى هذا الاحتلال يَقتل ويُجرف ويَعتدي في كل لبنان وينتهك الأجواء والبحر والبر من دون حسيب ولا رقيب. ما هي النتيجة التي يُريدونها من هذا المسار الذي عنوانه الأساس نزع السلاح؟ النتيجة يُريدون إنهاء المقاومة ومعها ضم جزء من لبنان وتحويل باقي لبنان إلى أداة تُديرها أميركا وإسرائيل".
وأكد أن "ما نُطالب به هو السيادة، ما يُطالب به الآخرون نزع السلاح"، مقارناً بين احتلال إسرائيل للجولان واحتلال إسرائيل لجنوب لبنان. وقال: "احتلت إسرائيل الجولان سنة 1967 وبقي محتلاً بالتوازنات الموجودة في المنطقة، ولكن بعد ذلك ضمت إسرائيل الجولان إليها واعترف الأميركي بالضم، وأكدوا ذلك مُجددًا من خلال الرئيس ترامب. ما الذي سبّب هذا الضم بعد أن كان احتلالًا؟ السبب الأساسي المركزي هو عدم وجود مقاومة. أما في جنوب لبنان، سنة 1978 حصل احتلال إسرائيلي وبدأوا يهتمون ببقعة من جنوب لبنان لتكون نموذجًا من نماذج فصلها عن لبنان تدريجيًا من خلال أدوات لبنانية متآمرة وعميلة، على قاعدة أن يضموه بعد ذلك. جاء اجتياح سنة 1982، وصلوا إلى العاصمة بيروت، وجدوا أنهم يستطيعون أن يأخذوا أكثر بالإحتلال، لكن المقاومة هي التي طردتهم سنة 1985، ثم طردتهم بالكامل بتحرير عظيم سنة 2000. لم يستطيعوا أن يُثبتوا احتلالهم لِينقلوه إلى الضم، لم يستطيعوا، وبقي هذا الأمر كل هذه الفترة من الزمن. يعني 42 سنة من المواجهة والصراع والقتال عطّل على إسرائيل إمكانية ضم أي قطعة من القطع. الآن إسرائيل تحتل، صحيح، لكن كم ستستمر باحتلالها؟ صحيح أن الاحتلال يُحاول أن يأخذ مكتسبات، لكن أمامنا تجربة 42 سنة عطّلنا على إسرائيل ما تُريد. اليوم إذا استطاعت إسرائيل خلال سنتين أن تتحكم بطريقة معينة، فهذا لا يعني أنها ستضم، ولا تستطيع أن تضم مع وجود المقاومة. النتيجة نجحت الدولة في لبنان لأن فيها مقاومة، وأخفقت الدولة في سوريا لأنه ليس فيها مقاومة. كم ستبقى إسرائيل محتلة ومعتدية مع وجود المقاومة والجيش والشعب؟ ستخرج إسرائيل عاجلًا أم آجلًا".
وأشار الى أن "الذين يسيرون بالخط الآخر يُحاولون أن يقولوا لنا: طيب خلّينا نعمل يا أخي بشكل تدريجي. يعني هؤلاء الذين لديهم نفس مُتفاهم على الوطنية ويريدون حقيقةً أن يُصلحوا في الوضع الداخلي، لكن ليسوا على وضع المؤيد بالكامل لِموضوع المقاومة، يعني عندهم شيء من التأييد، لكن هم ليسوا منغمسين بشكل كامل. يقولون لنا: خلّينا نقدّم شيئاً للإسرائيليين حتى نسكتهم عنّا فقط. يا أخي كم صرنا مقدّمين للإسرائيلي؟ صرنا أكثر من سنة على الاتفاق وتقديم وعطاء، مع ذلك الإسرائيلي ما عم بيقلّ، لا عم بيملّ ولا عم بيوقف"، لافتاً الى أن "لبنان نفذ كل مندرجات الاتفاق، وزادت حكومة لبنان تنازلات مجانية للعدو الإسرائيلي، ولم يعطِ الإسرائيلي شيئًا. طيب الاتفاق ماذا يقول؟ لأن البعض صاروا الآن يُفسّرون من جديد الاتفاق. البند الأول: ستنفذ إسرائيل ولبنان وقف الأعمال العدائية. هل توقفت؟ لم تتوقف من جهة إسرائيل. الثاني: إسرائيل لن تقوم بأي عمليات عسكرية هجومية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسكرية أو غيرها من الأهداف التابعة للدولة، عن طريق البر والبحر والجو. عادةً عندما يتكلم أحد عن اتفاق، يبدأ يتكلم بأول بندين، ثلاثة بنود، أربعة بنود. طيب أول بندين يقولان: وقف العدوان، لا توجد هجمات من أي نوع، لا على المدني ولا على العسكري. ونأتي للبند 12، الذي يقول: الانسحاب التدريجي والانتشار للجيش خلال ستين يومًا، ويذكر هذا الاتفاق أن المقصود به جنوب نهر الليطاني، خمس مرات يذكر جنوب نهر الليطاني. والله أنا مُتعجب من الذي لا يرى الانسحاب الإسرائيلي، ولا يرى المطلوب من إسرائيل، ويُحاول أن يُفسر الاتفاق بِمزيد من المطالب على حزب الله وعلى لبنان. يا أخي أنظر إلى المقلب الآخر، أُنظر إلى الإسرائيلي ماذا يعمل. المقاومة التزمت مع لبنان، ولبنان التزم بمضمون الاتفاق من خلال الدولة والجيش، ومن خلال تعاون المقاومة والشعب، وإسرائيل استمرت بالقتل والغارات والدخول الأمني إلى لبنان بأشكال مختلفة، من خلال الجنسيات المختلفة، والاختطاف الأخير الذي حصل للمواطن النقيب المتقاعد أحمد شكر من قلب الأراضي اللبنانية في منطقة زحلة. طيب أين الدولة اللبنانية ومسؤوليتها؟ الدولة هي المسؤولة. السيادة تعني أن لا تُخترق هذه الدولة، لا بالمخابرات ولا بالأمن ولا بالعدوان ولا بأي شيء آخر. لا يحصل أي تصدّي، لا يحصل أي محاولة مواجهة للكيان الإسرائيلي من قبل أصدقاء لبنان كما يقولون. طيب إذا كان لبنان ليست لديه القدرة على أن يضمن السيادة، كيف يُريد أن يتخلى عن قوته وعن قدراته وعن معنوياته؟".
وسأل قاسم: "تعرفون لماذا يتهمون الجيش بأنه لم يُنفّذ بِشكل صحيح في جنوب نهر الليطاني، أو أنه بطيء في جنوب نهر الليطاني؟ لأنهم يُريدون من الجيش أن يُنفّذ بِمشهد قسوة وفتنة وقتال، حتى يبدو أنه يد بطّاشة، لأنهم لا يعرفون أن جيشنا اللبناني جيش وطني. جيشنا من أبناء هذا الوطن. جيشنا يُريد أن يُحرر الأرض، يُريد السيادة، لا يُريد أن يشتغل بمشروع إسرائيل وأميركا. أغاظهم مشهد التعاون من قبل المقاومة، الذي كان تعاونًا مثاليًا نموذجيًا بِتسهيل عمل الجيش في أن ينتشر. ثالثًا، ربما تُريدون أن تسألوا أو بعضهم يقول: نحن نُريد أن نعرف الموقف الآن بعد انتهاء هذا الشهر، ما هو موقف حزب الله؟ الموقف الرسمي هو التالي: ما أنجزه الجيش اللبناني من الانتشار في جنوب نهر الليطاني خلال الفترة الماضية، كان مطلوبًا أن يُنجزه في حال التزمت إسرائيل، التزم العدو الإسرائيلي بوقف العدوان والانسحاب وإطلاق الأسرى وبداية الإعمار. مع ذلك نحن سهلّنا، والجيش انتشر وعمل ما يقوم به من واجب. أما مع عدم تنفيذ العدو الإسرائيلي لأي خطوة من خطوات الاتفاق، بل للإختراقات التي تجاوزت العشرة آلاف، مع القتل والتدمير وكل الأعمال الشنيعة، فلم يَعد مطلوبًا من لبنان أي إجراء على أي صعيد قبل أن يلتزم الإسرائيلي بما عليه، عليه أن يلتزم بكل ما عليه، بعد ذلك تعالوا احكوا. أمّا التبرع للعدو بإجراءات إضافية، سواء من الدولة اللبنانية أو غير ذلك، أو إبداء الاستعدادات المجانية، فهو تنازل وتبرع غير مسؤول، لا بل هو خطير ويتهدد المصالح الوطنية الكبرى".
وقال: "لا تطلبوا منا شيئاً بعد الآن، وليس مطلوباً من الدولة أن تكون شرطياً عند إسرائيل، ولا أن تكون بلا سيادة. يجب أن يتوقف العدوان، جواً وبراً وبحراً، بالإعتداء وبوجود الطائرات وبالتجسس وبكل أشكال العدوان. ويجب أن يتم الإنسحاب بالكامل، ليس من نقطة واحدة أو نقطتين، بل كل الإنسحاب الذي ورد في الاتفاق يجب أن يتم، وأن يُطلقوا سراح جميع الأسرى، وليس بعض الأسرى، وأن نبدأ بالإعمار الواضح ابتداءً من الجنوب، بحيث تعود القرى. هذا هو تطبيق الاتفاق. لنقم أولاً بالإنتهاء من تطبيق الاتفاق، بعد ذلك احكوا، بعد ذلك طالبوا، بعد ذلك يقدرون أن يقولوا إنه توجد خطوة ثانية مفروض أن تُعمل، أو ثالثة أو رابعة. يقول السفير الأميركي في لبنان لِبعض من حوله عندما يسألونه: طيب لماذا إسرائيل لا تلتزم؟: هذا أمر طبيعي، إسرائيل أقوى، والقوي يفرض شروطه. يعني المطلوب أن واحداً يستطيع بالقوة أن يُسيطر على العالم ويعتدي على العالم ويظلم العالم ويأخذ الذي يُريده؟ نحن نقول: لأننا أصحاب أرض، ولأننا نُريد العدالة، يجب وقف العدوان وخروج إسرائيل. يعني نحن نذهب لِموضوع الحق، ليس موضوع القوة، لأنه يوجد اتفاق ويوجد حق لنا. طيب ليقوموا بِتنفيذ الاتفاق وليعطونا الحق. أمّا إنه والله إنه أقوى، طيب أنا أقول لكم شيء: إسرائيل متفوقة عسكرياً، هذا صحيح، لكننا متفوقون بحقنا وأرضنا وقرارنا بالمقاومة".
وأردف: "إسرائيل تُهدد بالحرب وتُوقع الخسائر، لكنها لن تُحقق أهدافها. نحن سندافع ونصمد، وسنحقق أهدافنا ولو بعد حين. 42 سنة من إذلال إسرائيل وتحرير الأرض مؤشر على اتجاهنا. سنتان من التغول لن تتجاوز معادلة الشهداء والأرض والتضحيات، وإنّا على العهد. أقول لهم: اركبوا أقصى خيلكم، وتعاونوا مع أسوأ خلق الله، واستخدموا وحشيتكم وإجرامكم، ولكن لن نَتراجع ولن نَستسلم وسندافع. لقد رأيتم بعض بأسنا وصمودنا في معركة أولي البأس. هذا هو نهجنا. هذه أرضنا وبلدنا وحقوقنا، لن تنتزعها إسرائيل وأميركا وخدامهما. اتعظوا مما حصل: أتى 75 ألف جندي وضابط إسرائيلي ولم يستطيعوا أن يتقدموا في مواجهة المقاومة عند الخطوط الأمامية، بِبركة هؤلاء المجاهدين الاستشهاديين الأبطال العظماء الذين صمدوا، والذين قدموا أسطورةً للعالم. أردتم منع الإعمار من أجل إيجاد فتنة بين المقاومة وبين الناس. طيب، نحن ماذا عملنا بالمقابل؟ استطعنا إيواء وترميم 400 ألف منزل لعائلة، يعني 400 ألف رجعوا على بيوتهم المرممة أو استأجروا بيوتاً لأن بيوتهم مهدمة بالكامل، ولم تتمكنوا من إيجاد هذا الشرخ. عملتم على إيجاد خلاف بين حركة أمل وحزب الله، لكن الحمد لله تعالى العلاقة اليوم بين حزب الله وحركة أمل متينة وقوية. يا جماعة، عائلات أمل وحزب الله واحدة، أرض أمل وحزب الله واحدة، وطن لبنان الذي يُريده حزب الله وحركة أمل عزيزاً كريماً قوياً سيداً مستقلاً واحد في النظرة. لدينا جميعاً شهداء وجرحى، لدينا جميعاً آلام مشتركة، سنبقى يداً واحدة غصباً عنكم أيها الكفار، أيها الأعداء، أيها الحاقدون والحانقون. وهذا كله طبعاً بالتعاون مع الحلفاء من الطوائف والأحزاب. لسنا وحدنا: حزب الله وأمل، معه أحزاب وقوى وطوائف وجماعات ومجتمعات مدنية وغير ذلك. كلهم هؤلاء على نفس الاتجاه ونفس الخط، وهذه مصدر قوة. اسمعوا ماذا تقول العوائل في بيئتنا ومنطقتنا، ماذا يقول أولئك الذين تعرضوا للتهجير والنزوح وتعرضوا لأن يخسروا أبناءهم وأموالهم وإمكاناتهم. اسمعوا الأطفال ماذا يقولون، اسمعوا النساء ماذا يقولون. كلهم صوت واحد: نُريد العزة وسنعطي أكثر فأكثر، لكن لن نتنازل ولن نتراجع. واليوم هؤلاء أكثر تمسكاً بالسلاح والمقاومة وحق الدفاع".
وشدد على أن "من حقنا أن نُدافع. نحن لا نقوم بعمل عدواني، نحن نقوم بعمل دفاعي، وهذا حقنا الطبيعي والمشروع. لا يستطيع أحد أن يسلبه منا. وفي الوقت نفسه، نحن نُشارك في بناء الدولة ونُقدم أفضل تجربة ونموذج. طبعاً هذا كله عمل لديهم حالة من الإرباك والرعب والمشكلة. إذا أردتم حلاً، يُنفذ العدو الإسرائيلي ما عليه من الاتفاق، بأن يَخرج من لبنان وأن يُوقف عدوانه براً وبحراً وجواً، في كل المناطق اللبنانية، بكل أشكال العدوان، وأن يُفرج عن كل الأسرى، وأن لا يُعيق عملية الإعمار، لا هو ولا أميركا. بعد أن يحصل هذا الأمر، نُناقش استراتيجية الأمن الوطني بِإيجابية كاملة وبِتعاون كامل لما فيه مصلحة لبنان وقوة لبنان".
وتوجه قاسم الى اللبنانيين بالقول: "لن يُبقوا لبنان إذا ذهب جنوبه، وكل اللبنانيين مَعنيون بِوحدة الكلمة لإنقاذ لبنان. لا يجوز أن يُقال: ان العبء والله علينا. لا، العبء على الكل لازم يكون. لا أحد له حق أن يقول لنا: لماذا تدافعون عن أنفسكم؟ نحن الذين يجب أن نقول لهم: أنتم أجيبوا لماذا لا تدافعون عن لبنان؟ ولماذا لا تحمون ظهر من يدافع عن لبنان؟ ولماذا لا تقفون مع سيادة لبنان ووطنية لبنان؟ الذي لا يُدافع نُريد أن نسأله، الذي لا يقف ويتصدى نُريد أن نسأله، الذي لا يعمل وحدة وطنية نُريد أن نسأله. أُؤكد لكم: هو مركبٌ واحد في لبنان. من يعتقد أنه يُريد رمينا في البحر لِتكون له الغنيمة، أنا أقول له: انظر أين تضع قدميك. أمّا السباحون فلا يغرقون مهما كان البحر عميقاً، وإذا لم ينجُ السباحون من العاصفة القوية فلن ينجو أحد ولن يبقى شيء".
وختم قاسم: "نحن مطمئنون كحزب الله ومقاومة أننا سنبقى أعزة أقوياء مدافعين شجعان مهما كانت الصعوبات والتضحيات. الله معنا، والحق معنا، وشعبنا معنا، ومن كان مع الله لا يُبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه. فالموت أجلٌ بِيد الله تعالى، أمّا الموقف فمسؤوليتنا ونحن لهذا الموقف. الرحمة كل الرحمة للحاج الفقيد المؤسس المجاهد الكبير الحاج أبو سليم، ولكل الشهداء الأبرار، وأسأل الله تعالى أن يَشفي الجرحى ويُفرج عن الأسرى".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا