الجمهورية: إسرائيل تصعّد اعتداءاتها توغلا... غراهام: انضمام الجيش للحزب يعرقل
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
   الكاتب :     محرر الصفحة
     الكاتب :     محرر الصفحة 
                         
                          Oct 31 25|08:57AM :نشر بتاريخ
لجأت إسرائيل إلى أسلوب جديد في عدم التزامها المتمادي لاتفاق وقف إطلاق النار، بتوغل قواتها فجر أمس في بلدة بليدا الجنوبية وقتل الموظف في قصرها البلدي إبراهيم سلامة بدم بارد، قبل أن تنسحب إلى حيث أتت، ما دلّ إلى أنّها بدأت في طور جديد من اعتداءاتها المستمرة على لبنان، الامر الذي استدعى رداً لبنانياً نوعياً هذه المرّة، تمثل بطلب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من الجيش اللبناني «التصدّي لأي توغل إسرائيلي في الأراضي الجنوبية، دفاعاً عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين». وقد جاء هذا التوغل الإسرائيلي لينسف ما كان تقرّر من تفعيل لعمل لجنة «الميكانيزم» المكلّفة مراقبة وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماعها في الناقورة في حضور الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس، التي استبقته بجولة أمس الاول على الرؤساء الثلاثة، داعية إيّاهم إلى اقتناص ما سمّته «فرصة» يتيحها اهتمام الرئيس دونالد ترامب بتحقيق إنجازات سلام في المنطقة، ولم تنقل تهديداً إسرائيلياً مباشراً بحرب جديدة على لبنان، مكتفية بالإشارة إلى ما سمّته «عدم اطمئنان إسرائيلي» إلى انّ «حزب الله» «يعاود بناء قدراته»، حسب تل ابيب.
أبلغت مصادر سياسية إلى «الجمهورية»، انّ «توغل قوة إسرائيلية في بلدة بليدا وقتلها أحد موظفي مجلسها البلدي يؤشران إلى أنّ العدوانية الإسرائيلية باتت متفلتة من أي ضوابط». ولفتت إلى «انّ الاستباحة الإسرائيلية للسيادة اللبنانية ولاتفاق وقف الأعمال العدائية بكل الاشكال، تُظهر انّ تل ابيب تتصرف على أساس انّها طليقة اليدين في لبنان وغير محكومة بأي قواعد، بحيث انّها تعطي لنفسها حرّية أن تفعل ما تريد، كأنّه لا توجد لجنة لمراقبة وقف إطلاق النار ولا من يحزنون». واعتبرت المصادر، انّ موقف الرئيس عون الذي طلب من الجيش التصدّي لأي توغل إسرائيلي «هو تطور نوعي في استراتيجية التعامل الرسمي مع الوضع الجنوبي». وأشارت إلى «أنّ من شأن موقف عون أن يعيد الاعتبار لصورة الدولة والجيش، وأن يشكّل ضغطاً على «الميكانيزم» حتى تبادر إلى تفعيل دورها ولجم الاعتداءات الاسرائيلية التي اتخذت منحى تصاعدياً خلال الفترة الأخيرة، في ظل الصمت المريب للجهات الضامنة».
الأشد خطورة
وإلى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، إنّ «القرار الأشدّ خطورة كان قرار السلطة السياسية تكليف الجيش الردّ على أي اعتداء إسرائيلي يستهدف المناطق المحرّرة، بعد الاعتداء الشنيع الذي ارتكبته إسرائيل في بليدا فجر أمس». فهذا القرار، في قراءة المصادر، «سيضع الجيش اللبناني في الموقع الصدامي مع القوات الإسرائيلية، بعدما كان حتى اللحظة يُعتبر طرفاً شبه محايد، إذ يقتصر عمله على تنفيذ عمليات نزع السلاح المتبقي لـ«حزب الله» في جنوب الليطاني». وتتوقع المصادر «أن تتغيّر طريقة التعاطي من جانب الإسرائيليين مع الجيش اللبناني، لاحقاً، خصوصاً من خلال اجتماعات لجنة «الميكانيزم». فالإسرائيليون اعتادوا، في هذه الاجتماعات، اتباع قناة اتصال غير مباشرة مع الجيش، والشكوى على «حزب الله» من خلال الجانب الأميركي. والجيش كان يقوم بتلبية المطالب إذا تحقق من صحتها. ولكن، بعد قرار المواجهة أمس، سيكون صعباً عليه تلبية المطالب الإسرائيلية. وعلى العكس، سيصرّ الجانب اللبناني على الطلب من إسرائيل أن توقف ضرباتها واعتداءاتها في الدرجة الأولى. وهذا ما سيؤدي إلى إدخال اللجنة في مناخات جديدة قد تقلب المناخ رأساً على عقب».
التصدّي للتوغل
وكان الرئيس عون التقى قائد الجيش العماد رودولف هيكل، واطلع منه على تفاصيل التوغل الإسرائيلي في بليدا. وطلب «تصدّي الجيش لأي توغّل اسرائيلي في الأراضي الجنوبية المحررة، دفاعاً عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين». واعتبر «انّ هذا الاعتداء الذي يندرج في سلسلة الممارسات الإسرائيلية العدوانية، أتى بُعيد اجتماع لجنة مراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية (الميكانيزم) التي يفترض أن لا تكتفي بتسجيل الوقائع بل العمل على وضع حدّ لها، من خلال الضغط على إسرائيل ودفعها إلى التزام مندرجات اتفاق تشرين الثاني الماضي ووقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية».
وبدوره، رئيس مجلس النواب نبيه بري قال: «إنّ ما حصل في بليدا والعديسة والعدوان الجوي صباحاً على أطراف بلدات العيشية والجرمق والخردلي وإنتهاك أجواء العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، هو فعل يتجاوز الإستباحة الإسرائيلية للسيادة الوطنية اللبنانية وقرارات الأمم المتحدة، بل هو عدوان على لبنان لا يمكن لجمه بالإدانة». وأكّد «أنّ اللحظة الراهنة تستدعي من جميع اللبنانيين إستحضار كل عناوين الوحدة ودعم فخامة رئيس الجمهورية وموقفه الأخير حيال ما حصل اليوم».
وقال رئيس الحكومة نواف سلام، انّ التوغل الإسرائيلي في بلدة بليدا «اعتداءٌ صارخ على مؤسسات الدولة اللبنانية وسيادتها». وأضاف: «كلّ التضامن مع أهلنا في الجنوب والقرى الأمامية الذين يدفعون يوميًا ثمن تمسّكهم بأرضهم وحقّهم في العيش بأمانٍ وكرامة تحت سيادة الدولة اللبنانية وسلطتها». وقال: «نتابع الضغط مع الأمم المتحدة والدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية لضمان وقف الانتهاكات المتكرّرة وتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي الكامل من اراضينا».
المر زار منسّى
في هذه الأجواء، زار النائب ميشال المر أمس، وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسّى في مكتبه بالوزارة، حيث جرى عرضٌ للأوضاع العامة في البلاد، ولا سيّما منها التطورات الأمنية ودور المؤسسة العسكرية في حفظ الاستقرار وصون السلم الأهلي.
وخلال اللقاء، أكّد المر دعمه الكامل للمؤسسة العسكرية، مثمّناً التضحيات التي يبذلها الجيش اللبناني في مواجهة التحدّيات، ومشدّدًا على ضرورة توفير كلّ الدعم اللازم له لتمكينه من أداء مهمّاته الوطنية بعيدًا من أي تجاذبات سياسية.
من جهته، رحّب الوزير منسّى بالنائب المر، وأشاد بدوره النيابي والوطني، مؤكّدًا أهمية استمرار التعاون في كلّ ما يعزّز الجيش والمصلحة الوطنية ويحمي وحدة البلاد.
ووصف المر اللقاء بأنّه «ودّي وصريح، عَكَس روح الصداقة والاحترام المتبادل مع الوزير منسّى»، مشيرًا إلى أنّ «الجيش اللبناني يبقى الركيزة الأساسية لوحدة لبنان واستقراره».
الجيش
وكانت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه أصدرت أمس بياناً، شرحت فيه التوغل الإسرائيلي في بليدا، وقالت «إنّ ما أقدم عليه العدو الإسرائيلي هو عمل إجرامي وخرق سافر للسيادة اللبنانية وانتهاك لاتفاق وقف الأعمال العدائية والقرار 1701». واعتبرت «أنّ الادّعاءات والذرائع الواهية التي يطلقها العدو باطلة ولا تمتّ إلى الحقيقة بِصلة، وإنما تهدف إلى تبرير انتهاكاته ضدّ وطننا ومواطنينا. وقد طلبت قيادة الجيش من لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية وضع حدّ لانتهاكات العدو الإسرائيلي المتمادية».
الموقف الإسرائيلي
في المقابل، ذكرت «هيئة البث» الإسرائيلية، أنّ إسرائيل «تدرس تكثيف هجماتها في لبنان في ظل محاولات «حزب الله» تعزيز موقعه»، وأعلنت «أنّ إسرائيل أبلغت إلى الولايات المتحدة أنّ وتيرة الضربات الإسـرائيلية على لبنان ستتزايد». واعتبرت انّ طلب الرئيس عون من الجيش للتصدّي لأي توغل إسرائيلي «ليس سوى تصعيد خطابي، على أقل تقدير، فنظرًا لتزايد وتيرة النشاط الإسرائيلي ضدّ «حزب الله»، يبدو أنّ القيادة اللبنانية تحاول تصوير نفسها على أنّها تبذل جهوداً أكبر لتحدّي إسرائيل».
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس «أننا اغتلنا الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله وفرضنا أقصى العقوبات ضدّ «الحزب» وأقمنا منطقة أمنية على حدود لبنان لحماية قرى الشمال». فيما قال رئيس الأركان إيال زامير: «اننا نعمل في جميع الجبهات بجهوزية عالية وسنعود بقوة أكبر في بعض الساحات».
الموقف الأميركي
وفي موقف كأنّه ردّ غير مباشر على طلب الرئيس عون من الجيش التصدّي للتوغل الإسرائيلي، قال السيناتور الأميركي ليندسي غراهام اللصيق بالرئيس ترامب «إنّ انضمام الجيش اللبناني إلى «حزب الله» في قتال إسرائيل يُعرقل جهود مساعدة لبنان». واعتبر «انّ التوغلات العسكرية الإسرائيلية في لبنان تهدف إلى قمع عودة ظهور حزب الله». وقال: «لو نُزع سلاح «حزب الله» لتوقفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان».
إلى ذلك، نسبت «سكاي نيوز» إلى «مصادر ديبلوماسية أميركية»، قولها «إنّ لبنان قد أضاع فرصة كبيرة لحل الأزمة السياسية والاقتصادية المستفحلة»، مشيرة إلى «القلق الكبير من تطور الأوضاع إلى الأسوأ في المستقبل القريب». وأضافت: «سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى توفير مناخ ملائم يحفز «حزب الله» على معالجة جذرية وطوعية لمسألة السلاح، إلّا أنّ هذه الجهود لم تحقق النتائج المتوقعة». وقالت: «إنّ خطة الإنقاذ التي تمّ اقتراحها على لبنان تضمنت ترتيبات مستلهمة من «الاتفاقيات الإبراهيمية». وأوضحت «أنّ هذه الخطة كانت تتضمن تقديم مليارات الدولارات من دول خليجية لدعم الاقتصاد اللبناني المتدهور». وأضافت: «رفض مواجهة الوضع المسلح لـ«حزب الله» يضمن استمرار التآكل المؤسسي في البلاد. وقلوبنا تأمل في الأفضل للبنان وعقولنا تستعد للأسوأ».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا