مرقص شارك في اجتماع مجلس كنائس الشرق الأوسط: لملاقاة الحكومات في جهودها

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Sep 10 25|22:37PM :نشر بتاريخ

أنهى مجلس كنائس الشرق الأوسط اليوم الأوّل من اجتماعه السنوي الذي يعقده مع شركائه الدوليّين والإقليميّين في مركز "لقاء" في الربوة تحت عنوان "الشجاعة في مواصلة الرحلة معاً"، بصلاة ختاميّة. وشكّل الاجتماع مساحة مسكونيّة لتبادل الآراء والخبرات بغية تطوير آليّات العمل من أجل تحقيق الأهداف المرجوّة والعمل معًا في سبيل شراكة مستقبليّة أكثر فعاليّة، على أن يتابع أعماله غداً الخميس.

 

وواصل المجلس اجتماعه برئاسة الأمين العام للمجلس البروفسور ميشال عبس بعد جلسة افتتاحية صباحاً وجلسة أولى شارك فيها وزير الإعلام المحامي بول مرقص والنائب نعمة افرام بعنوان "الشرق الأوسط على مفترق طرق: آفاق وتحولات"، كما ألقى كلّ من د. بيتر مكاري ممثّلًا منظّمةGlobal Ministries and the United Church of Christ and the Christian Church، وديك لاندرسلوت ممثّلًا منظّمة Kerk In Actie، كلمتين تمحورتا حول "واقع الشرق الأوسط من منظور الغرب"، مضيئين على تطلّعاتهما في سبيل بناء مجتمعات أفضل لأبناء المنطقة.

 

وفي جلسة ثانية، عرض عبس تقريره الّذي ضمّ كلّ الأنشطة والبرامج والمشاريع الّتي تمّ تنفيذها، متطرّقًا إلى التحدّيات الّتي واجهها المجلس في عمله وسُبل مواجهتها برجاء كبير وإيمان عميق. كما تحدّث عن رؤيته للفترة المقبلة وكذلك الإستحقاقات المترتّبة بغية تحقيق الأهداف المسكونيّة والإنسانيّة المرجوّة.

 

بعدها كانت الجلستان الثالثة والرابعة اللتان تضمّنتا تقارير الدوائر والأقسام الّتي فنّدت مشاريع وإنجازات كلّ من الدائرة الماليّة، دائرة الشؤون اللّاهوتيّة والعلاقات المسكونيّة، رابطة الكليّات والمعاهد اللّاهوتيّة في الشرق الأوسط (ATIME)، دائرة الدياكونيا والخدمة الإجتماعيّة، دائرة خدمة اللّاجئين الفلسطينيّين، دائرة التواصل والعلاقات العامة، برامج "التماسك الاجتماعي والكرامة الإنسانيّة"، قسم الموارد الإنسانيّة، وقسم المشتريات.

 

عبس

وكانت الجلسة الافتتاحيّة استهلت الجلسة بكلمة للأمين العام للمجلس بعنوان "في الشراكة الروحية وسياسات المؤسسات"، قال فيها: "عاش لبنان وفلسطين، وغيرها من بلدان الشرق الأوسط والعالم العربي كوارث ونكبات، انعكست على هذه البلدان بشكل جذري واحدثت تحولات قد تكاد تكون بنيوية. في خضم هذه الاحداث، تنكب المؤسسات التي اخذت على عاتقها بلسمة جراح الناس ومشاركتهم في حمل اعبائهم، على القيام بواجبها قدر المستطاع وحسب الإمكانات المتاحة لها، ولكن في ظروف اقتصادية لا نستطيع ان نصفها بالمريحة بالنسبة الى العالم غير الصناعي والذي يعاني من أزمات لا عد لها ولا حصر".

 

وأكد "وانا في الحركة المسكونية منذ العام 1981، ان للكنيسة وللهيئات المسكونية المنبثقة عنها، الدور الأكيد في التحولات الثقافية في الغرب، على صعيد نظرة الشعوب الى شتى الأمور والقضايا الشائكة المطروحة على الساحات الإقليمية والدولية. اما ما يقلق اليوم فهو هذا التحول في سياسات الدعم المالي التي تعتمدها مؤسسات المجتمعات ذات الفائض الصناعي".

 

وأضاف: "إزاء هذا الواقع، لا بد لكوادر المؤسسات المانحة، بالتنسيق مع كوادر المؤسسات المتلقية، ان ينسقوا الجهود وتطلعات العمل في ما بينهم، خدمة للمنكوبين، والمعوزين، وثقيلي الاحمال، والمنهكين، الذين يحاول القادرون الشرفاء إيجاد أيام أفضل لهم. بين ما هو روحي وما هو مؤسسي هوة ليس من السهل ردمها، كون ان هناك دائما فوارق بين الاعتبارات الروحية، او الشخصية او المعنوية من جهة، والاعتبارات المؤسسية من جهة أخرى، لذلك لا تجسد المؤسسات في سياساتها دائما إرادة الافراد الذين يعملون فيها او يقومون بإدارتها".

 

وعبّر عن فرحه "لاستقبال شركاء بكل ما للكلمة من معنى، حيث للشراكة الروحية والمحبة المتبادلة والقيم المشتركة التي تكونت عبر تناضج استمر لعقود، نفس الأهمية التي هي للشراكة المادية التي تتمثل بتغطية اكلاف المشاريع، او بالدعم المالي عامة... الكرامة هي احدى اهم وصايا المخلص، جسدها في كل ما قال وفعل، ولا بد لنا ان نكون أداة لصيانتها".

 

جلسة حوار

 

وشارك الوزير مرقص والنائب افرام في جلسة حوارية بعنوان "الشرق الأوسط على مفترق طرق: آفاق وتحوّلات"، افتتحها رئيس اتّحاد الكنائس الأرمنيّة الإنجيليّة في الشرق الأدنى، رئيس جامعة هايكازيان في لبنان، ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الإنجيليّة القسّ د. بول هايدوستيان بكلمة شدد فيها على أهميّة الشهادة للوحدة المسيحيّة، مشيراً إلى أنّ "اجتماع الشركاء ليس مجرّد مناسبة إداريّة لعرض التقارير، وإنّما وقت للتأمّل الذاتي ومشاركة التحاليل".

 

وأضاف: "لتكن شركتنا علامة على واقعنا العظيم: ربّ واحد، إيمان واحد، معموديّة واحدة، رجاء واحد للعالم، وذلك من خلال العمل معًا والشهادة".

 

بعدها، رفع القسّ هايدوستيان الصلاة على نيّة المجتمعين ومن أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط والعالم.

 

مرقص

ثم كانت للوزير مرقص كلمة بعنوان "الشرق الأوسط عند مفترق طرق نحو شكل جديد للأرض والهويّة"، تطرّق فيها إلى الواقع الّذي يمرّ به لبنان والظروف الصعبة الّتي يشهدها، مشدّدًا على ضرورة التعاون معًا وتضافر الجهود محليًّا وعالميًّا من أجل مجتمعات سليمة ومستقبل أفضل.

 

 

وقال: "يشرفني ويحمّلني مسؤولية كبيرة أن أخاطبكم اليوم حول موضوع بالغ الأهمية: الشرق الأوسط على مفترق طرق. لطالما كان هذا الإقليم، منذ آلاف السنين، أكثر من مجرد تعبير جغرافي. لقد كان مهد الحضارات، ومهد الديانات التوحيدية الثلاث، ومكان التقاء للثقافات والتجارة والأفكار. من ضفاف النيل إلى ضفاف الفرات، ألهم الشرق الأوسط البشرية بإسهاماته في الفلسفة والعلم والفن والروحانية. وكما ذكّرنا جبران خليل جبران ذات يوم: من المعاناة خرجت أقوى النفوس. فهذه أرض عرفت العظمة كما عرفت الألم، وشهدت على الابتكار كما عرفت عدم الاستقرار، واحتضنت الوعد كما واجهت الألم".

 

أضاف: "اليوم، يقف الشرق الأوسط في لحظة حاسمة - ليس فقط على صعيد الأرض والهوية، بل أيضًا على صعيد الرؤية والمستقبل. التحديات أمامنا جسيمة. فالنزاعات المسلحة هجّرت الملايين، مما أدى إلى أزمات إنسانية يتردد صداها بعيدًا خارج حدودنا. والأرقام تتحدث عن نفسها: فالمنطقة تستضيف بعضًا من أعلى نسب اللاجئين والنازحين داخليًا في العالم. وتزيد الصعوبات الاقتصادية من حدة هذه الأزمات. ففي العديد من بلداننا، تظل معدلات البطالة بين الشباب مرتفعة بشكل مقلق. وعندما يفقد الشباب إيمانهم بالمستقبل، يبدأ نسيج المجتمع ذاته في التصدّع. والانقسامات الاجتماعية، وانعدام الثقة، والتوترات الطائفية تهدد تماسك مجتمعاتنا. ويضاف إلى هذه التحديات الإقليمية أزمات عالمية مثل تغيّر المناخ، والأوبئة، والتحولات التكنولوجية السريعة. وهي، على الرغم مما تحمله من وعود، تشكّل تهديدًا حقيقيًا بإقصاء من لا يمتلكون سُبل المعرفة والبنية التحتية".

 

وتابع: "مع ذلك، فإلى جانب هذه العقبات، هناك فرص استثنائية. فالشرق الأوسط ليس فقط إقليمًا يعاني، بل هو أيضًا إقليم للصمود، والإبداع، ورأس المال البشري. شبابنا ليسوا فقط ضحايا عدم الاستقرار؛ بل هم قادة محتملون، ومبتكرون، وروّاد أعمال. وتراثنا الثقافي، ليس مجرّد بقايا من الماضي، بل هو مصدر وحدة واعتزاز. وتنوّعنا، إذا ما أُدير بحكمة، يمكن أن يصبح قوة لا مصدرًا للانقسام. ولكن دعونا نكون واضحين: لا يمكن للحكومات أن تعمل بمفردها، فحجم التحديات التي نواجهها يتطلب شراكة. شراكة بين الدول، والمؤسسات الدولية، والمجتمع المدني. شراكة بين الطوائف الدينية، والمؤسسات الثقافية. شراكة ترمم الانقسامات، وتضع الإنسان في مركز الاهتمام".

 

وأكد أن "مجلس كنائس الشرق الأوسط مثال على هذا الالتزام. فمهمته تتجاوز الحدود الطائفية: لقد دافع عن كرامة الإنسان، وبنى جسور التلاقي بين الشعوب، وقدم التضامن حيث كانت الحاجة أشد. وهو يذكّرنا بأن الإيمان، حين يُترجم إلى خدمة، يصبح قوة للشفاء والمصالحة. ويجب أن يمتد هذا الروح من الشراكة إلى جميع المجالات:

-شراكة للتخفيف من المعاناة: فلا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر بينما يُترك الضعفاء خلف الركب - من المهجّرين، والفقراء، والمهمّشين.

-شراكة في التعليم: فالتعليم هو حجر الأساس الحقيقي للتجدد. وكما قالت ملالا يوسفزاي: "طفل واحد، ومعلم واحد، وكتاب واحد، وقلم واحد يمكن أن يغيّر العالم." من واجبنا أن نضمن أن يحمل أطفالنا الأقلام، لا الأسلحة.

-شراكة لحماية الثقافة والتراث: فهذه ليست كماليات؛ بل هي الخيوط التي تنسج هويتنا المشتركة، وتحمينا من تآكل الذاكرة.

-شراكة من أجل الحوار: فالحوار الحقيقي ليس غياب الاختلافات، بل فن تحويلها إلى مصادر غنى وإبداع".

 

وقال: "بصفتي وزيرًا للإعلام، أدرك تمامًا أن الكلمات تهم، وأن الروايات تصنع الواقع. فطريقة سردنا لقصتنا، لأنفسنا وللعالم، ستحدد الطريق الذي سنسلكه. إذا روينا فقط قصة صراع ويأس، فسيستمر الصراع واليأس في تعريفنا. لكن إذا اخترنا أن نروي قصة الإمكان، والتضامن، والكرامة، فإننا نفتح الباب نحو مستقبل مختلف. وعند هذا المفترق، الخيار بأيدينا. يمكننا أن نسلك طريق التشرذم، وانعدام الثقة، والصمت، أو أن نختار التعاون، والصلابة، والحوار. لقد كان الشرق الأوسط دائمًا أرض عبور — للثقافات، والأفكار، والأديان. فلنحرص على أن تقودنا هذه المعابر اليوم لا إلى المواجهة، بل إلى السلام؛ لا إلى اليأس، بل إلى الكرامة؛ لا إلى الانقسام، بل إلى مستقبل مشترك ومزدهر. وكما قال نيلسون مانديلا ذات مرة: الشجاعة ليست غياب الخوف، بل هي أن تلهم الآخرين لتجاوز الخوف. وهذه الشجاعة يجب أن توجهنا الآن، كقادة ومواطنين".

 

وختم: "التاريخ يراقبنا. والأجيال القادمة تنصت إلينا. فلتكن أفعالنا، لا أقوالنا فقط، هي من تقود الشرق الأوسط نحو طريق السلام، والعدالة، وازدهار الإنسان".

 

افرام

ثم توجّه النائب افرام بكلمة إلى المشاركين تمحورت حول عنوان "الشرق الأوسط عند مفترق طرق نحو شكل جديد للأرض والهويّة"، فانطلق بعرض حول "الظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة والأمنيّة الّتي يمرّ بها الشرق الأوسط"، شارحًا "أبرز الأسباب الّتي أدّت إلى تدهور الواقع المعيشي في المنطقة ما فرض تحدّيات وضغوط يوميّة جمّة".

 

كما عبّر افرام عن "آلام أبناء الشرق الأوسط والمصاعب الّتي يواجهونها"، رافعًا مطالبهم وحاجاتهم الطارئة. وقال: "إنّنا على وشك تحوّل هائل، عادة ما يكون مؤلمًا. علينا أن ندعو الله أن يُحوّل هذا الألم إلى أمل جديد"، مشدّدًا على أنّ "الألم لن يؤدّي إلى أي تغيير".

 

 

 

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan