الديار: لبنان: ضمانات غائبة واستحقاقات مُؤجلة قمة البيت الابيض: جبهات ستقفل واخرى ستبقى مفتوحة الانتخابات النيابية على طاولة مجلس الوزراء من جديد
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 28 25|08:38AM :نشر بتاريخ
يعيش لبنان هذه الايام مرحلة دقيقة من تاريخه، تتقاطع فيها الأزمات المالية والسياسية والأمنية، في ظل مشهد عنوانه الأبرز: غياب الضمانات الحقيقية، وتراكم الاستحقاقات المؤجلة. فمنذ سنوات، اعتاد اللبنانيون سماع وعود بالإصلاح والدعم الدولي، فيما الواقع يكشف أن هذه الوعود بقيت في معظمها حبرا على ورق، وأن الاستحقاقات الدستورية والاقتصادية ترحل من موعد إلى آخر، بلا أفق واضح للحل.
فداخليا، تتكدس الاستحقاقات المؤجلة بوتيرة مقلقة، ومنها قانون الانتخابات النيابية، حيث تمنع موازين القوى السياسية الحالية أي تسوية، في ظل عدم نضوج الظروف، فيما يراهن لبنان الرسمي على «ضمانات» سياسية ومالية من المجتمع الدولي، سواء عبر صندوق النقد الدولي أو من خلال المبادرات الفرنسية والعربية، المصطدمة بشرط أساسي لم يتحقق بعد: قيام دولة قادرة على تنفيذ وعودها والتزاماتها. فالدول المانحة، التي أبدت استعدادا نظريا للمساعدة، ترفض تقديم أي التزام نهائي في ظل غياب قوانين إصلاحية واضحة، وانقسام سياسي حاد، وعجز مزمن عن اتخاذ قرارات موجعة لكنها ضرورية، وآخرها اقرار مشروع «الفجوة المالية» الذي يتوقع ان يفجر موجة اعتراضات لا يمكن التكهن بنتائجها.
اما الأخطر فيتمثل في غياب الضمانات الذي لا يقتصر على الخارج فقط، بل يشمل الداخل اللبناني نفسه، حيث يفتقد اللبنانيون أي ضمانة قانونية أو اقتصادية لمستقبلهم، فالدولة عاجزة عن طمأنة شعبها، والسلطة السياسية غير قادرة ،أو غير راغبة، في تقديم التزامات واضحة وقابلة للتنفيذ، في سلسلة من غياب الثقة الشاملة.
في المقابل، تتعامل القوى السياسية مع الاستحقاقات بمنطق إدارة الوقت لا إدارة الأزمة. تأجيل الانتخابات، ترحيل القوانين، تجميد القرارات الكبرى، كلها أدوات تستخدم لتفادي الصدامات الداخلية، لكنها في الوقت نفسه تعمق الانهيار. فالاستحقاق المؤجل يبقى قائما، بل يعود أكثر كلفة وتعقيدا، فيما تتآكل قدرة الدولة على المعالجة، وهي المعادلة التي استند اليها رئيس الحكومة في مطالعته الدفاعية حول «الفجوة المالية».
اما إقليميًا ودوليا، فلا يبدو أن لبنان أولوية. فالتوترات الكبرى في المنطقة، من غزة إلى البحر الأحمر، تجعل الملف اللبناني ثانويا في حسابات القوى الفاعلة، ما يفسر غياب أي ضغط فعلي لفرض حلول، والاكتفاء بإدارة الأزمة ومنع انفجارها الكامل، حيث يترك لبنان، في هذه المعادلة، في منطقة رمادية: لا انهيار شامل ولا نهوض فعلي، وهو ما يجمع المتفائلون على انه سيكون نتيجة قمة البيت الابيض، في ظل تقدم ملفات غزة وسوريا الى الواجهة.
هكذا يقف لبنان، عشية العام الجديد أمام مفترق خطِر. ضمانات غائبة نتيجة لعجز داخلي عن إنتاج تسوية وطنية حقيقية، واستحقاقات مؤجلة تشكل قنابل موقوتة تهدد ما تبقى من الدولة. فمن دون قرار سياسي جامع، يعيد الاعتبار لمنطق الدولة والمؤسسات، سيبقى لبنان عالقًا بين وعود الخارج وعجز الداخل، في انتظار أزمة أكبر تفرض الحل بالقوة، لا بالسياسة.
تفاؤل عون
وسط هذا المشهد الشديد الحساسية، استمر تفاؤل رئيس الجمهورية «بابتعاد شبح الحرب» من بكركي، مسار جدل واسع بين من يراه قراءة واقعية للمعطيات الميدانية والسياسية، ومن يعتبره تفاؤلا مبالغا فيه استنادا الى التجارب السابقة، حيث قرأ الكثيرون في الطمأنينة التي تعكسها اوساط بعبدا، خطوة لتهدئة الداخل ومنع الانزلاق إلى مناخ «هلع جماعي».
مصادر مقربة من بعبدا اعادت هذا الجو الى التقارير الميدانية التي تعدها قيادة الجيش والتي تجزم ان لا مؤشرات حاليا لقرار إسرائيلي بشن حرب شاملة، وهو ما يبينه تموضع القوات وانتشارها على طول الحدود، الذي يؤكد على استمرار المواجهة ضمن قواعد الاشتباك الحالية، هذا فضلا عن الارادة الدولية الواضحة، ولا سيما الأميركية، لمنع توسع النزاع، وهو ما يلمسه عون من لقاءاته بالموفدين وخلال اتصالاته الديبلوماسية المفتوحة مع عواصم القرار، والذي اشرت اليه اكثر من تسريبة وتصريح لمسؤولين دوليين.
طرح لا تتبناه اوساط لبنانية في واشنطن، والتي تحدثت عن أن خطر الحرب ما زال قائما، فتأجيلها أو ضبطها مرحليًا، جاء على خلفية انتظار تطورات أكبر، حيث يبقى لبنان ساحة مفتوحة على ارتدادات الصراع في غزة وسوريا، وعلى حسابات إسرائيلية لم تحسم بعد، فالتاريخ اللبناني حافل بلحظات «طمأنينة خادعة» سبقت انفجارات كبرى، ما يجعل أي تفاؤل غير محصن سياسيا عرضة للاهتزاز السريع.
ورأت المصادر ان سبب هذا التخبط في بيروت هو القراءة الخاطئة لبعض التصاريح الاميركية، ومنها للسفير ميشال عيسى، مؤكدة ان لا خلاف اميركي - اسرائيلي، حول الاهداف في لبنان، انما حول الوسائل والاليات لتحقيقها، والبرنامج الزمني، جازمة ان لقاء بالبيت الابيض سيكون حاسما لجهة القرار المشترك، حول الجبهات التي سيصار الى اقفالها وتلك التي ستبقى مفتوحة، وسط اتجاه لحسم الملف اللبناني قبل اي تحرك على الخط الايراني.
لقاء ترامب - نتانياهو
في المقابل وعشية اللقاء المرتقب بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، تستمر إسرائيل في تصعيد اعتداءاتها، في خطوة لا يمكن فصلها عن حسابات السياسة والتوقيت، حيث تدرك تل أبيب أن الذهاب إلى أي لقاء أميركي -إسرائيلي مفصلي من موقع «القوة» يمنحها هامشا أوسع للمناورة. لذلك، تسعى إلى تثبيت معادلة مفادها أن إسرائيل لا تزال صاحبة اليد العليا ميدانيا، وأنها قادرة على فرض وقائع على الأرض تسبق أي تفاهمات سياسية محتملة.
من هنا ترى اوساط وزارية ان التصعيد على الجبهة اللبنانية، وما قد تشهده الساعات ال 48 المقبلة، هدفه تحسين شروط النقاش مع «الحليف الأميركي»، كما انه يخاطب أيضا حزب الله وإيران، مؤكدة أن أي تفاهم أميركي - إسرائيلي لن يكون على حساب ما تسميه إسرائيل «حرية العمل العسكري»، فنتانياهو مصر على ربط الميدان بالسياسة، وتحويل التصعيد إلى ورقة ضغط في وجه أي دعوة لضبط الإيقاع العسكري، لذلك فان رفع السقف عشية اللقاء ليس صدفة ولا رد فعل عابر، بل جزء من استراتيجية محسوبة، عنوانها: الذهاب إلى واشنطن من بوابة النار، لا من باب التنازلات.
التصعيد الاسرائيلي
ومع استمرار الهجمات الاسرائيلية ضد مناطق لبنانية مختلفة تحت عنوان” استهداف بنى عسكرية لحزب الله”، تتحدث وسائل اعلام الاحتلال، عن تعالي اصوات داخل المؤسسة العسكرية تدعو رئيس الحكومة الى اقناع الرئيس الاميركي، خلال لقائهما المقرر “بتنفيذ عملية تقوض قدرات الحزب”، تزامنا مع نشر نتائج استطلاع للراي ، خلص الى ان 58% من الاسرائيليين يريدون العودة الى القتال لحماية الشمال.
هذه الاجواء تزامنت مع الاعلان عن انهاء الجيش الاسرائيلي لتدريبات تحاكي اشتعالا مفاجئا لجبهة الشمال، فيما يستمر البحث على المستوى العسكري حول مدى قدرة الجيش على مواجهة الطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للدروع، والتي شكلت نقاط قوة الحزب في حرب ال 66 يوما، والتي ما زالت تشكل تحديا كبيرا في حال تجدد القتال مع لبنان.
وعشية اللقاء في البيت الابيض، كشفت مصادر اميركية ان وفدا عسكريا وامنيا اسرائيليا وصل الى واشنطن لاجراء سلسلة من اللقاءات والمناقشات مع القيادة الاميركية، وبحث تقارير استخباراتية يحملها معه حول الاوضاع في لبنان، تمهيدا لرفع تقرير وتوصيات للقاء البيت الابيض، كما علم ان قائد القيادة الوسطى سيقوم بزيارة الى اسرائيل مطلع العام لاستكمال النقاش.
هدوء حذر
على الصعيد الميداني، ومع تراجع الاعتداءات الاسرائيلية، الذي فرضته الاحوال الجوية السيئة، شهدت بلدة الأحمدية، في البقاع الغربي، اشكالا بين دورية من «اليونيفيل» دخلت البلدة، والاهالي، عمل الجيش اللبناني على تطويقه، علم ان دوريات من الجيش بالتعاون مع القوات الدولية قامت بتفتيش منازل في كل من بيت ياحون، وكونين وبيت لبف، بناء لطلبات وردت من لجنة «الميكانيزم»، بعد الحصول على موافقة اصحابها، وبرفقة المختار، وفقا للقوانين اللبنانية، حيث لم يتم العثور على أي اسلحة وذخائر.
الفجوة المالية
ومع إحالة مشروع قانون الفجوة المالية إلى المجلس النيابي، تنتقل ازمة الفجوة، إلى حلبة الصراع السياسي المفتوح، حيث تختلط الحسابات المصرفية بالشعارات والهواجس الشعبوية ، حيث بات مصير القانون رهينة موازين القوى لا منطق الإصلاح، في خطوة وإن بدت شكلياً تقدّماً على طريق المعالجة، الا انها فتحت الباب واسعاً أمام أسئلة حاسمة: هل نحن أمام بداية تعافٍ فعلي، أم أمام تقنينٍ منظّم للخسائر وترحيلٍ مقونن للأزمة، على ما يجمع عليه الخبراء الاقتصاديون.
مصدر وزاري واكب الاتصالات الجانبية التي رافقت اقرار المشروع في الحكومة، كشف ان الاخيرة سعت إلى توجيه رسالة مزدوجة: للخارج، تؤكد التزامها بخارطة صندوق النقد والاعتراف بالخسائر بعد سنوات من الإنكار، وللداخل، تنقل «كرة النار» إلى البرلمان، متخففةً من عبء الضغوط وفي مقدمتها تلك التي قادها خلال الايام الاخيرة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان.
وحول المسار الذي سيسلكه القانون في البرلمان، تحدث المصدر، عن ثلاثة احتمالات: إقراره معدلا بما يعزّز حماية الودائع ويعيد بعض الثقة، أو تركه كما هو مع بعض التعديلات الشكلية وهو امر مستبعد، اما الخيار الثالث، وهو المرجح حاليا، فيتمثل في المماطلة ببته تحت حجة المناقشة والدرس، لحين احتواء أي انفجار قد يشهده الشارع.
الانتخابات النيابية
وفيما يستمر الاشتباك الكلامي على خط معراب - عين التينة، بعد انهيار جبهة المعارضة، كشفت مصادر وزارية ان وزير الداخلية والبلديات، أحمد الحجار، سيُبلِغ الحكومة في أول جلسة لها مطلع العام بأنه لن يستطع إجراء الانتخابات النيابية في أيار المقبل إذا لم تحسُم الحكومة قانون الانتخاب الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات، وإلا سيطلب التمديد التقني الى تموز، وهذا سيكون كالإنذار الأخير من الوزير للحكومة قبل نفاد المهل القانونية ودعوة الهيئات الناخبة.
في المقابل، تكشف المعلومات ان قوى المعارضة النيابية تدرس امكان تشكيل وفد لزيارة بعبدا، على خلفية كلام رئيس الجمهورية الاخير من بكركي، حول قانون الانتخابات، طالبة اليه التدخل عبر وساطة يقودها، تهدف لفتح ثغرة في جدار الازمة واخراج القانون من عنق الزجاجة، خصوصا بعد التطورات الاخيرة التي شهدتها الجلسة التشريعية الاخيرة.
عملية امنية سورية
في مجال آخر، ألقت السلطات السورية القبض على 12 شخصاً، بينهم ضباط من نظام الرئيس السابق بشار الأسد، على الحدود السورية اللبنانية، بحسب ما قالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية، في بيان على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما اكدت مصادر لبنانية ان لا علاقة لها بالموضوع، نافية وجود اي تعاون او تنسيق في هذا الشان.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا