الأخبار: إسرائيل تَحشد للحرب على إيران: ثلاثة خيارات في جعبة نتنياهو
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 23 25|09:13AM :نشر بتاريخ
تحشد إسرائيل للحرب على إيران عبر ثلاثة سيناريوات محتملة، في وقت يسعى فيه نتنياهو لانتزاع ضوء أخضر أميركي يعيد رسم قواعد الاشتباك الإقليمية.
لم تَعُد إرهاصات الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة، في الـ29 من الجاري، مقتصرة على التخطيط أو التنسيق اللوجستي، بل دخلت فعليّاً مرحلة التفاوض المكثّف على مستوى المواقف الاستراتيجية والنتائج. وفي هذا الجانب، تحدّثت مجموعة تقارير في وسائل الإعلام العبرية عن الملفّات المطروحة على جدول أعمال الزيارة، ومن ضمنها: شروط الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة، خصوصاً في ما يتعلق بوجود القوات الدولية في القطاع - والذي تقرنه إسرائيل بضمانات أمنية ملزمة -؛ الموقف من استمرار الغارات في سوريا؛ التقديرات حول التهديد الإيراني، والتي وصلت إلى حدّ استعراض طرق العمل العسكري المُقترحة من الجانب الإسرائيلي؛ فضلاً عن تحديد سقوف التدخّل في لبنان بما يتوافق مع المحدّدات الأميركية المسموحة، وإمكانات التصعيد فيه.
وتستهدف تلك التقارير، بوضوح، رسم صورة متكاملة للتهديدات من وجهة نظر إسرائيل، وتحديد ما تراه الأخيرة «خطّاً أحمرَ»، وما لا يمكنها «التساهل» حياله أو تجاوزه. ومن بين مظاهر هذه «المقاربة التفاوضية العلنية» أيضاً، مواقفُ صدرت مباشرةً على لسان كبار المسؤولين الإسرائيليين، لعلّ أكثرها دلالةً تهديد رئيس الأركان، إيال زامير، إيران بشكل مباشر في حال تجاوزت «الخطوط الحمر»، في إشارة إلى تزايد وتيرة صناعة الصواريخ والطائرات المُسيّرة. وتساوقت تصريحات زامير مع سيل من التسريبات المنسوبة إلى مسؤولين في الأجهزة الأمنية أو في مكتب رئيس الحكومة ووزارة الخارجية، والتي يؤشّر تزامنها إلى كون نشرها مقصوداً وموجّهاً، بهدف إيصال رسالة إلى الطرف الأميركي قبل الدخول في محادثات الغرف المُغلقة.
في المقابل، أطلق مسؤولون أميركيون، من بينهم مقرّبون من فريق الرئيس دونالد ترامب، تصريحات تشير إلى أولوية المضيّ قُدماً في خطّة إعادة إعمار غزة، وضرورة مشاركة دول من مثل تركيا وقطر فيها، وربط أيّ دعم أميركي في ملفات أخرى من مثل إيران أو سوريا، بتحقيق تقدُّم ملموس في القطاع. وفي حين أشار ترامب إلى أن طلب الزيارة جاء من نتنياهو، وأن تفاصيلها لم تُحسم بعد، فقد حملت تلك التصريحات رسالة ضمنية بضرورة المضيّ في الملفّات العالقة بما يتوافق مع الرؤية الأميركية، حتى قبل موعد الزيارة نفسها. والواقع أن النقاشات بين الجانبَين تدور على ثلاثة مستويات متوازية: الاجتماعات الفنية بين ممثّلي الأجهزة الأمنية والدبلوماسية؛ التسريبات المنسوبة إلى مصادر في كلا الجانبَين؛ والتحرّكات الميدانية التي يتصدّرها رفع وتيرة الاعتداءات في سوريا بهدف تظهير التفوّق في هذه الساحة؛ وتعزيز تدفّق المعلومات الاستخبارية حول إيران. ويؤكّد التزامن بين كلّ تلك الديناميات، أن الطرفين يدركان أن نتائج اللقاء في فلوريدا يجب أن تتبلور، قبل أن يصعد نتنياهو إلى الطائرة متوجّهاً إلى أميركا.
وفي اليومَين الماضيَين، برز في الخطاب الأمني والإعلامي الإسرائيلي، تركيز استثنائي على إيران، لم يَعُد يقتصر على التحذير من استئناف الأخيرة نشاطها النووي، بل انتقل إلى الحديث الصريح عن حرب مقبلة حتمية. لا بل إن بعض التقارير تحدّثت عن أن «الساعة تدقّ»، وأن «الحرب المقبلة قد كُتبت فصولها بالفعل»، مع الإشارة إلى التحضير العملي لدى الجيش الإسرائيلي لذلك: من إعادة بناء بنك الأهداف، وبلورة سيناريوات متعدّدة، وصولاً إلى اعتماد مبدأ الهجوم باعتباره الوسيلة الأنجع للحماية، في ظلّ «سيادة» الرأي القائل إن «إسرائيل تبْرع في الهجوم، أكثر منها في الدفاع».
وفي هذا الإطار، يدور الحديث عن ثلاثة سيناريوات عملية: هجوم إسرائيلي منفرد، أو عملية مشتركة مع الولايات المتحدة، أو ضربة أميركية بالكامل، على غرار الغارة الأخيرة في سوريا ضدّ «داعش». ووفقاً للمصادر العبرية، فإن القرار النهائي مرتبط بنتيجة زيارة نتنياهو لفلوريدا، حيث يُتوقّع أن يطلب الأخير «الضوء الأخضر» من ترامب لشنّ العملية، وربّما يسعى إلى إشراك الجيش الأميركي فيها. وبحسب التسريبات، فإن نتنياهو سيؤكّد أمام ترامب أن إيران لم تَعُد تكتفي ببناء عناصر التهديد، بل دخلت مرحلة «الاختبارات الميدانية»، بما يشمل تغييرات في أماكن إطلاق الطائرات المُسيّرة، وتجريب أنظمة رادار ودفاع جوي جديدة، وتنقّلات غير مألوفة لوحدات «الحرس الثوري»، تمّ رصدها وتأكيدها استخباريّاً، وهو ما تعاملت معه إسرائيل بوصفه جرس إنذار في غرف القيادة العسكرية الإسرائيلية.
على أن اللافت أن هذا النوع من التصريحات لم يعُد مقتصراً على الدوائر السياسية، بل تحوّل إلى خطاب عسكري مباشر؛ إذ أكّد رئيس الأركان، إيال زامير، أن «ذراع الجيش طويلة»، وأنه «سيضرب حيث يُطلب إليه ذلك، في الجبهات القريبة والبعيدة»، مشيراً إلى أن «الحرب الطويلة في تاريخ إسرائيل تدور في جوهرها حول إيران». كذلك، كشف تقرير آخر أن زامير ناقش مع قائد «سنتكوم»، براد كوبر، مخاوف جدّية من أن التدريبات الإيرانية الأخيرة قد تكون غطاء لعملية هجومية. وعلى الرغم من أن الاستخبارات الأميركية لا ترى - حتى اللحظة - مؤشرات إلى هجوم وشيك، إلّا أن المصادر الإسرائيلية تصرّ على أن «احتمال التصعيد لم يعُد أقل من 50%»، وفقاً للتسريبات المنشورة في صحيفة «معاريف»، أمس، مع التشديد على أن الهدف لم يَعُد احتواء إيران، بل «إعادة ترتيب موازين القوّة في المنطقة، قبل فوات الأوان».
وأيّاً يكن، فالأكيد أن زيارة نتنياهو لا تخدم التنسيق بين الجانبَين في ملف واحد، بل هي منعطف لإرساء «قواعد الاشتباك المقبلة» سواء في غزة أو لبنان وسوريا وإيران، وتحديد حجم الدعم الأميركي المُنتظَر في كلّ من تلك الساحات.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا