الديار: لبنان يتقدم نحو المفاوضات و«اسرائيل» نحو الحرب؟

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Nov 05 25|09:25AM :نشر بتاريخ

 مجددا يقف لبنان عند حافة المجهول، وسط عواصف إقليمية تهب من الجنوب ويتردد صداها في المقرات الرسمية. فبين التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة التي تلوح بالحرب، تغذيها تصريحات عسكرية حادة، وبين مبادرة رئيس الجمهورية بالدعوة إلى التفاوض تحت عنوان «الحفاظ على الاستقرار ومنع الانزلاق نحو المجهول»، ضاما الرؤساء الى نادي مؤيدي التفاوض في معرض الاشارة الى التمسك باعتمادهم جميعا اللغة الديبلوماسية، مبرزا الرغبة الرسمية اللبنانية بالحل السلمي، يسير المشهد اللبناني على حبلين، قد ينقطعان في أي لحظة.

ففيما الجنوب يعيش على وقع القصف والإنذارات اليومية، والبلاد بأسرها تعيش حالة ترقب ثقيلة، جاءت دعوة الرئيس إلى الحوار كمحاولة لالتقاط الأنفاس وتحصين الجبهة الداخلية، رغم أن الانقسام السياسي العميق جعل من «طاولة التفاوض» ساحة سجال جديدة بين من يرى فيها مخرجا ضروريا، ومن يعتبرها تنازلا في لحظة اختبار وطني.

دعوة عون

اجواء الترقب تلك يزيدها غموضا ما قد تتكشف عنه الايام المقبلة في شأن اقتراح الحل العامل على خطه وفق المعطيات المتوافرة رئيس المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، الذي يتوقع ان يعود في غضون اسابيع الى بيروت، بعد جوجلة للافكار التي سمعها والردود التي تبلغها خلال الساعات الماضية، وما قد يكون سمعه الرئيس سلام في مصر خلال لقاءاته المتنوعة، استمرت امس محاولات اكثر من جهة للوقوف على خلفية المواقف التي اطلقها الموفد الاميركي توم براك وما اذا كانت تعبر عن موقف ادارته.

ففي جديد براك، وامام عدد من الصحافيين في تركيا، قال: «إن رئيس الولايات المتحدة يتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويتواصل مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، أفلا يستطيع الرئيس اللبناني جوزاف عون أن يرفع السماعة ويتحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويقول له: كفى، لنضع حدا لهذا العبث ولننه هذه الفوضى؟».

مواقف لم تمنع لبنان الرسمي من مواصلة حشد الدعم الدولي واستقطاب المواقف الخارجية الداعمة له، خصوصاً لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، حيث شدد رئيس الجمهورية، خلال استقباله في قصر بعبدا وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز، على أن «استقرار لبنان يصبّ في مصلحة أوروبا»، ومؤكدا على ضرورة تفعيل لجنة المراقبة «الميكانزيم»، امام مساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا هامش فالكونر، على الرغم من أن لبنان سيكون أمام محطة جديدة من الضغوط الأميركية مع الزيارة المرتقبة لمساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب جون هيرلي، خصوصا بعدما اعلن من اسرائيل، أنه بحث مع مسؤوليها فرض مزيد من الضغط المالي على حماس وحزب الله.

مصادر مطلعة على اجواء بعبدا اشارت الى ان دعوة الرئيس تنطلق من قناعة بدأت تترسخ بضرورة كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها الامور، في وقت تتعامل فيه اسرائيل من منطق الرابح، في موازاة عدم وجود رغبة اميركية جدية بالضغط على تل ابيب، ما دفع بلبنان للمبادرة بطرح فكرة المفاوضات غير المباشرة، في ظل اجماع لبناني عليها، شعبي ورسمي، بهدف تجنيب لبنان المزيد من الدمار، وتحقيق وقف جدي لاطلاق النار، رغم ان لا اجابات اسرائيلية واضحة حتى الساعة.

وفي معرض ردها على كلام براك الاخير، رات المصادر بان من حقه ان يقول ما يريد، ومن حق لبنان ان يتصرف وفقا لمقتضيات مصلحته الوطنية، وبالتالي فان بيروت غير معنية بدعوته، التي تعبر عن رغبة اسرائيلية، سبق ووصلت عن طريق اكثر من جهة، معيدة التاكيد ان الموقف اللبناني واضح، وبيروت قدمت اقصى ما يمكن تقديمه.

بري من عين التينة

وسط هذا المشهد المشحون بالتجاذبات والانقسامات، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال لقائه في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة وفدا من اتحاد الاذاعات والتلفزيونات الإسلامية، بخطاب اعاد فيه تموضع المعادلة الوطنية: المقاومة والجنوب، الصمود والإعمار، والتمسك بالثوابت رغم كل العواصف، حيث ذكر بوضوح أن الجيش اللبناني منتشر بأكثر من تسعة آلاف عنصر جنوب الليطاني، وأن العائق أمام انتشاره الكامل ليس ضعف الدولة، بل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية باعتراف الأمم المتحدة نفسها.

اوساط سياسية، قرات في كلام عين التينة مجموعة رسائل مدروسة حملت نبرة تصعيدية وواقعية في آن، اعادت رسم حدود اللعبة السياسية في الداخل والخارج. فالرجل العارف بدهاليز التوازن بين المقاومة والدولة، اختار التوقيت بعناية ليؤكد أن «الجنوب ليس ورقة تفاوض بل معادلة صمود»، مصوبا في اكثر من اتجاه:

• في اتجاه الداخل، جازما بان المقاومة ليست موضوعا خلافيا بل ركن من أركان الهوية الوطنية، من هنا جاء هجومه على من «يرفض حتى ذكر كلمة مقاومة» ليس مجرد موقف عاطفي، بل تحذير مبطّن من محاولة نزع الشرعية الوطنية عن سلاح المقاومة في لحظة يراد فيها إعادة رسم موازين القوى في الجنوب، مؤكدا بوصفه «عراب» التوازن بين الدولة والمقاومة، معيدا التأكيد على أن الجيش اللبناني حاضر ومؤهل، لكن الاحتلال الإسرائيلي هو من يمنع بسط السيادة الكاملة، لا غياب الإرادة اللبنانية.

• في اتجاه الخارج، عبر كشفه لمضامين زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، موجها «إنذارا دبلوماسيا» إلى واشنطن وتل أبيب معا بان «لا مقايضة بين الأمن والسيادة، ولا صحة للاتهامات حول تهريب السلاح من سوريا»، في رسالة مزدوجة تؤكد على التنسيق الكامل بين محور المقاومة والدولة، وإشارة إلى أن لبنان لن ينجر إلى فخ المفاوضات تحت الضغط، محددا في هذا المجال شكل أي تفاوض واطاره، من خلال «الميكانيزم» مع تطعيمها بخبراء ومدنيين متى دعت الحاجة، كما حصل خلال تفاوض الترسيم البحري.

• رسالة انتخابية داخلية، مشيرا الى وجوب إجراء الانتخابات في موعدها، ملوحا بأن أي تعطيل سيقود إلى «معركة سياسية»، عشية جلسة الخميس الحكومية، في تحذير واضح للخصوم السياسيين من مغبة اللعب في توقيت الاستحقاق النيابي، خصوصاً أنه يعي أن الانتخابات المقبلة ستحدد موازين النفوذ بين القوى التقليدية والتيارات التغييرية.

• رسالة واضحة حول ما يحكى عن التطبيع، حيث ختم كلامه بموقف مبدئي ضد التطبيع مع إسرائيل، رابطاً القضية بالمصلحة الوطنية والهوية التاريخية، مستحضرا «قصدا» عبارة الحقوقي عبدالله لحود، لتذكير اللبنانيين، بمختلف طوائفهم، أن رفض التطبيع ليس شعاراً حزبياً بل إجماعاً وطنياً.

مؤتمر الاعمار

وكان انطلق امس اللقاء التنسيقي الاول لاعادة الاعمار، في منطقة الرادار- المصيلح، بدعوة من الرئيس نبيه بري، وحضور حشد من الوزراء والنواب، وكبار الموظفين المعنيين، فضلا عن رؤساء بلديات ومخاتير، وممثلين عن منسقية الامم المتحدة، بهدف تفعيل ورشة العمل الخاصة باعادة الاعمار وتحديد الاولويات، وفقا لما ورد في البيان الوزراي حول الالتزام باعادة الاعمار والحاجة الملحة للاسراع في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

مصادر متابعة قرات في كواليس الخطوة محاولة لإعادة التموضع السياسي والاقتصادي في وقت يتراجع فيه دور الحكومة على صعيد اعادة الاعمار، رغم المواقف والخطوات التي تبقى حتى الساعة في الاطار الشكلي، فالمصيلح، التي تجيد اللعب على حافة التوازنات، أرادت من خلال المؤتمر أن تعيد إلى الساحة مفهوم «الإعمار كمدخل للاستقرار»، في مقابل مشهد إقليمي يزداد توترا وحدود جنوبية تغلي على وقع احتمالات التصعيد.

وتتابع المعلومات، ثمة من يرى في المؤتمر رسالة انفتاح إلى العواصم العربية والغربية مفادها أن لبنان لا يريد أن يكون رهينة العزلة، وأن عودته إلى الخريطة الإقليمية تبدأ من الاقتصاد لا من السياسة. من هنا يتحول المؤتمر إلى ما يشبه اختبار النوايا: بين من يراه بداية إنقاذ، ومن يقرأ فيه مقدمة لمعركة نفوذ جديدة، تحديدا عشية الانتخابات النيابية المتوقعة، غامزة من قناة «المقاطعين للجلسات التشريعية» ما يعيق اقرار قوانين حيوية ومنها قرض البنك الدولي للاعمار.

جلسة الحكومة

وعشية جلسة مجلس الوزراء الخميس، التي تعتبر من اهم الجلسات الحكومية حساسية منذ تاليف الحكومة السلامية، حيث يتضمن جدول اعمالها ملفين متفجرين: الاول، مشروع قانون الانتخابات، والثاني، تقرير الجيش الشهري عن تنفيذ خطته لحصر السلاح.

هذا والتقى رئيس الجمهورية موفد رئيس حزب القوات اللبنانية النائب ملحم رياشي، بعد سلسلة المواقف القواتية التي صدرت الاسبوع الماضي، والتي راى فيها البعض بداية افتراق بين معراب وبعبدا، خصوصا ان الاتجاه السائد يميل الى ان «القوات» سيكون لها مواقف حاسمة من البندين الاساسيين، قد تصل الى حدود الانسحاب من الجلسة على ما المح اليه «الحكيم».

وتكشف مصادر مواكبة، ان البند المتعلق بتقرير الجيش، سيكون بدوره محط أنظار، خصوصا بعد قرار رئيس الجمهورية تكليف الجيش التصدي للتوغلات الإسرائيلية، اذ علم ان التقرير سيتناول تفاصيل الخطة الميدانية في الجنوب، وسيعرض ما تحقق خلال الشهر الماضي، متضمنا تعدادا لمنشآت وبنى عسكرية وضع الجيش يده عليها، وتفاصيل حول كيفية تنفيذ قرار تكليفه مواجهة الخروقات الإسرائيلية.

وتتابع المصادر بان قائد الجيش سيركز خلال مداخلته على تعامل اسرائيل «المزاجي» مع لجنة «الميكانيزم»، وتجاهل الآليات المتفق عليها، في ظل امتناعها عن ابلاغ اليونيفيل والجيش بالاماكن المشبوهة للكشف عليها قبل استهدافها.

اجتماع اللجنة

انتخابيا، وبينما عقدت اللجنة الوزارية الخاصة المكلفة ببحث قانون الانتخاب اجتماعا في السراي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري عشية جلسة لمجلس الوزراء مقررة الخميس ستبحث في الملف الانتخابي، كشفت مصادر وزارية ان اللجنة الوزارية اتفقت على دمج مشروعي وزارتي الخارجية والداخلية القاضيين بتمديد مهلة التسجيل والدائرة 16 والغاء البطاقة الممغنطة والاستعاضة عنها بالـ»QR code» على ان ترفع تقريرها الى مجلس الوزراء في جلسته الخميس المقبل، مشيرة الى اقتراح وزير الإعلام بول مرقص تعليق العمل بالمادة 16 كما في الانتخابات الاخيرة، كل ذلك وسط اصرار من وزراء القوات على حسم الموضوع في جلسة الخميس وان يرسل مشروع القانون إلى مجلس النواب من دون اي تأخير.

اجراءات مالية

على الصعيد المالي، وفيما يبدو أن مسلسل استنزاف المودعين لا يزال مستمرا، مع توافر معلومات قيام بعض المصارف اللبنانية خلال الأسابيع الأخيرة إلى استغلال التعميمين 158 و166 الصادرين عن مصرف لبنان، واللذين يجيزان دفع مبالغ شهرية تتراوح بين 500 و800 دولار للمودعين، عبر فرض اقتطاعات إضافية غير منصوص عليها في أيّ تعميم رسمي، تحركت لجنة الرقابة على المصارف مصدرة مذكرة شددت فيها على ضرورة التقيّد بعدم فرض أي رسوم أو عمولات جديدة على حسابات الودائع بالعملات النقدية أو غير النقدية، مقارنة بما كان معمولًا به قبل 31 تشرين الأول 2019، وعدم زيادة قيم الرسوم المعتمدة سابقًا، كما طالبت المصارف بوضع لائحة مفصلة بالعمولات والرسوم المعتمدة بشكل واضح في أماكن التعامل مع العملاء وعلى مواقعها الإلكترونية، على أن تكون محدثة وتتضمن قيمة أو نسبة كل رسم أو عمولة.

من جهته، أعلن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد أنه وبعد التنسيق الكامل مع كل من وزير المالية ووزير العدل، سيباشرمصرف لبنان (BdL) بإعداد دفتر شروط متعلق بمشروع إجراء التدقيق المالي والجنائي الخارجي للمستفيدين كافة من برنامج دعم الحكومة للسلع بعد تاريخ 17/ 10/2019، كما يشمل عمليات تحاويل مبالغ إلى حسابات مصارف في الخارج كما والنفقات المسددة نيابة عن الدولة والتي جرت في الفترة ذاتها مع برنامج الدعم.

هل من تباين؟

وتعليقاً على الكلام عن وجود تباين بين وزير المال وجمعية المصارف لجِهة مشروع قانون الفجوة المالية واستعادة الودائع، ولجِهة التعديلات المتعلقة بقانون إعادة هيكلة المصارف، اكدت اوساط مصرفية أن «لا شيء نهائياً أو محسوماً حتى اللحظة، حيث لا تزال هناك مسألة «تعريف الشوائب» بين البنك المركزي وجمعية المصارف، وهي محطّ درس وبحث ما بين المعنيين، مؤكدة ان وزارة المال لم تطلب رقماً من جمعية المصارف، بل أوضحت أنه في حال كانت هناك شوائب على حسابات المودعين فهناك كذلك شوائب على حسابات المصارف، وإذا خلت حساباتها من الشوائب فلن تكون هناك فجوة في حسابات المودعين التي نريد الحفاظ عليها وعلى رساميل المصارف معاً وتحقيق التوازن ما بين الإثنين».

هذا وعلم أن وفداً من جمعية المصارف التقى وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط امس بعيد اجتماعه بوزير المال، على أن يلتقي الوفد، اليوم، حاكم مصرف لبنان كريم سعيد.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الديار