الجمهورية: قمة قطر: إدانة إسرائيل ورفض تهديداتها... عون: لسلام عادل... واحتمال التصعيد قويّ
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Sep 16 25|07:57AM :نشر بتاريخ
كلّ الأنظار انشدّت بالأمس نحو قطر وما ستخرج به القمة العربية الإسلامية من مقرّرات حول العدوان الإسرائيلي على الدوحة، في وقت استبقت فيه إسرائيل القمة بالمفاخرة بعدوانها وتصميمها على تكراره، وفق ما أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بأنّ لا حصانة للإرهابيين في أي مكان، وانّه لا يستبعد المزيد من الضربات على قادة «حماس» أينما كانوا». فيما كرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إشادته بقطر، بوصفها حليفاً رائعاً للولايات المتحدة الأميركية، داعياً في الوقت ذاته إسرائيل إلى الحذر وقال: «عندما نهاجم الناس يجب ان نتوخى الحذر».
بيان القمة
انتهت أعمال القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في العاصمة القطرية أمس، بمشاركة العديد من قادة الدول العربية والإسلامية إلى بيان ختامي، تضمّن الإشادة بموقف قطر الحضاري والحكيم في تعاملها مع الاعتداء الغادر، وكذلك الإشادة بدورها البنّاء والمقدّر في الوساطة ودعم وإرساء الأمن». وأكّدت القمة «انّ العدوان على مكان محايد للوساطة يقوّض عمليات صنع السلام الدولية»، كما شدّدت على «التضامن المطلق مع قطر والوقوف معها في ما تتخذه من خطوات للردّ»، وأدانت القمة بأشدّ العبارات هجوم إسرائيل الجبان غير الشرعي على دولة قطر، واعتبرته عدواناً غاشماً يقوّض أي فرص لتحقيق سلام في المنطقة.
كما تضمن البيان: «دعم جهود الوسطاء قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية لوقف العدوان في غزة. وتأكيد إدانة أي محاولات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين بأي ذريعة، وكذلك تأكيد الأمن الجماعي والمصير المشترك للدول العربية والإسلامية. والتأكيد على الوقوف ضدّ مخططات إسرائيل لفرض واقع جديد بالمنطقة. واعتبار الإعتداء الإسرائيلي على قطر يهدف لتقويض جهود الوساطة الرامية لوقف العدوان على غزة، والرفض المطلق لتهديد إسرائيل المتكرّر بإمكانية استهداف قطر مجدداً، وكذلك الرفض القاطع لمحاولات تبرير العدوان الإسرائيلي تحت أي ذريعة».
مجلس التعاون
وفي بيان له بعد اجتماعه أمس، اعتبر المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي «أنّ هذا العمل العدواني يمثل تصعيداً خطيراً ومرفوضاً». ودعا مجلس الدفاع المشترك لعقد اجتماع عاجل في الدوحة، يسبقه اجتماع للجنة العسكرية العليا، لـ«تقييم الوضع الدفاعي لدول المجلس ومصادر التهديد، في ضوء العدوان الإسرائيلي على دولة قطر، وتوجيه القيادة العسكرية الموحّدة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية».
وحذّر المجلس من أنّ «إمعان إسرائيل في ممارساتها الإجرامية من شأنه أن يقود إلى تداعيات خطيرة، تهدّد الأمن والسلم الإقليمي والدولي». ودعا مجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول الفاعلة لتحمّل مسؤولياتهم الكاملة، واتخاذ إجراءات حازمة ورادعة لوقف هذه الانتهاكات، وشدّد على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والتحرك العاجل لردع إسرائيل، ووضع حدّ لانتهاكاتها».
عون: السلام
وخلال مشاركته في أعمال القمة، ألقى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كلمة لبنان، وقال: «نحن لم نأتِ إلى هنا لنتضامنَ مع دولةٍ شقيقة، نحن هنا، باسمِ لبنان، كلِ لبنان، لنتضامنَ فعلاً وعمقاً، مع أنفسِنا».
واكّد عون «أنّ الاعتداءَ على أيِ شقيق، هو اعتداءٌ علينا بالذات»، وقال: «إنّ المستهدفَ الحقيقي في العداونِ الأخير على الدوحةِ الحبيبة، لم يكنْ مجموعةَ أشخاص، بل مفهومُ الوساطةِ ومبدأ الحلولِ بالحوار. لم يكنْ هدفُ الاعتداء، محاولةَ اغتيالِ مفاوضين، بل تصفيةُ فكرةِ التفاوضِ نفسِها. ولذلك اختاروا دولةَ قَطَر الشقيقة موقعاً للاعتداء. لأنّها ليست مجرّدَ قُطرٍ، بل قاطرةُ حوارٍ ولقاءٍ وسلام. وهذه هي القيمُ التي قصدَ العدوانُ اغتيالَها وتصفيتَها».
وشدّد رئيس الجمهورية على «أنّ الصورةَ بعد عدوانِ الدوحة، باتت واضحةً جلية، وأنّ التحدّي المطلوبَ رداً عليها، يجب أن يكونَ بالوضوحِ نفسِه. فنحن بعد أيامٍ على موعدٍ مع الجمعيةِ العمومية للأممِ المتحدة في نيويورك، حيثُ يلتئمُ كلُ العالمِ الساعي إلى السلام. فلنذهبْ إلى هناك بموقفٍ موحّد، يجسّدُه سؤالٌ واحد: هل تريدُ حكومةُ إسرائيل، أيَ سلامٍ دائمٍ عادلٍ في منطقتِنا؟ إذا كان الجوابُ نعم، فنحن جاهزون وفقاً لمبادرة السلام العربية التي طرحتْها المملكة العربية السعودية الشقيقة في قمةِ بيروت عام 2002، وإذا كان الجوابُ لا، أو نصفَ جوابٍ أو لا جواب، فنحن أيضاً راضون. فندركَ عندها حقيقةَ الأمرِ الواقع، ونبني عليه المقتضى. علّنا نوقفُ على الأقلّ سلسلةَ الخيبات، حيالَ شعوبِنا وأمامَ التاريخ».
وكان الرئيس عون قد التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في جناحه في مقر انعقاد القمة في فندق شيراتون الدوحة، وجدّد إدانته للاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة، مؤكّداً وقوف لبنان إلى جانب قطر وتضامنه معها ومع الشعب القطري الشقيق. وشكر الرئيس عون أمير قطر على الدعم الذي تقدّمه بلاده للبنان في مختلف الظروف، مشيراً إلى أنّ هذا الدعم هو موضع امتنان جميع اللبنانيين. وردّ أمير قطر مرحّباً بالرئيس عون والوفد المرافق، شاكراً تضامن لبنان مع قطر وإدانته للعدوان الإسرائيلي، مشدّداً على وقوف قطر إلى جانب لبنان ودعمها الدائم للشعب اللبناني، وسعيها الدؤوب من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في لبنان.
كما التقى الرئيس عون الرئيس السوري احمد الشرع، كذلك التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكّد «حرص لبنان على إقامة علاقات متينة مع إيران تقوم على أسس الاحترام المتبادل والصراحة وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية، بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين». وبدوره شدّد الرئيس الإيراني، «على التزام بلاده بمبدأ عدم التدخّل في شؤون الدول الأخرى».
وكانت لرئيس الجمهورية ايضاً لقاءات سريعة مع كل من: ملك الاردن عبد الله الثاني بن الحسين، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ورئيس الوفد العُماني إلى القمة نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع السيد شهاب بن طارق آل سعيد، تمّ في خلالها عرض الأوضاع في المنطقة والتحدّيات التي تواجهها في ظل الخطر الإسرائيلي الذي يخيّم على دولها.
أولويات داخلية
داخلياً، الهاجس الأساس يبقى الخطر الإسرائيلي واستمرار الإعتداءات والإغتيالات، ولا شيء في الأفق يؤشّر إلى جهد جدّي لوقف هذا العدوان في المدى المنظور، مع انكفاء حركة الوساطات والاتصالات. ما يبقي الباب مفتوحاً على احتمالات خطيرة في ظل ما يتناقله الإعلام العبري نقلاً عن المستويات الإسرائيلية السياسية والعسكرية، حول نية إسرائيل باحتلال طويل الأمد في المنطقة الجنوبية، وإنشاء «حزام أمني» خالٍ من الحياة في الجانب اللبناني من الحدود الدولية.
ويبرز في هذا السياق، ما عبّر عنه مسؤول أممي لـ»الجمهورية» من مخاوف جدّية مما سمّاها «تطورات دراماتيكية على جبهة لبنان»، محذّراً من انّ «انسداد أفق الحلول الديبلوماسية من شأنه أن يرفع وتيرة التصعيد العسكري بشكل خطير على جانبي الحدود، ونرى انّ احتمالات التصعيد كبيرة وقوية».
وضمن الإطار نفسه، يصبّ تقدير مرجع سياسي، حيث يؤكّّد لـ«الجمهورية» انّ ما نسمعه من تأكيدات من قبل الأميركيين بالحفاظ على استقرار لبنان ومنع انزلاق الامور إلى توترات، نرى نقيضها على الأرض، حيث تستمر إسرائيل في اعتداءاتها واغتيالاتها اليومية، وآخرها يوم أمس، باستهداف سيارة مدنية عند مدخل بلدة ياطر الجنوبية، ما أدّى إلى استشهاد شخص، دون ان يرفّ جفن للمجتمع الدولي او للجنة الخماسية ورعاتها، وترسل في الوقت ذاته إشارات صريحة ومتتالية، تعكس ما تبيته للبنان، وآخرها المناورة العسكرية التي أجراها الجيش الإسرائيلي في الآونة الاخيرة في منطقة قريبة من الحدود مع لبنان، وتحاكي اقتحامات لقرى لبنانية.
ورداً على سؤال عن كيفية مواجهة العدوان المحتمل، وما إذا كانت المنطقة على شفير حرب واسعة، قال المرجع عينه مستغرباً: «حرب واسعة، بين مَن ومَن، هناك طرف وحيد يحارب الجميع، اي إسرائيل التي تفتعل الحروب في كل اتجاهات المنطقة على طريق إنفاذ مشروعها لتسيّد منطقة الشرق الأوسط، وستبقى ممعنة بذلك طالما تغطيها الدول الكبرى وطالما يقابلها جو عربي مريض مستسلم لها».
وسأل المرجع: «لو كان الأمر خلاف ذلك هل كانت لتفعل ما فعلته في قطاع غزة، وهل تمكّنت من استفراد الدول كما حاولت مع إيران، وكما تفعل في سوريا، او انتهاك سيادة الدول كما فعلت في قطر، او كما تفعل في لبنان»؟ وقال: «إزاء هذا المسلسل العدواني المتواصل، فإنّه أمام الامور الكبرى تنتفي كل الصغائر والمصالح الداخلية. فلبنان في عين عاصفة إسرائيلية تستهدف كلّ مكوناته ولا تستثني أحداً، يعني انّ الخطر يهدّد لبنان بوجوده، ومشروع تغيير وجه المنطقة الذي أعلن عنه نتنياهو يقول بمحو بلدنا عن الخارطة وإلحاقه بما تُسمّى «اسرائيل الكبرى». ولذلك لا أحد على رأسه خيمة في لبنان، فجميعنا محكومون بالدفاع عن بلدنا ومواجهة أي عدوان بما نملك من عناصر قوة على كل المستويات».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا