الجمهورية: سعيٌ لمخرج لإعادة ترتيب الأولويات... ولاريجاني في بيروت بمعادلات جديدة
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Aug 13 25|08:37AM :نشر بتاريخ
على وقع انتظار عودة الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك الاثنين المقبل، حاملاً الردّ الإسرائيلي على الموقف اللبناني وما تقرّر في ضوء المقترحات الأميركية، وفيما لم تأتِ بعد أي إشارات عن طبيعة هذا الردّ، على رغم وجود بعض المؤشرات السلبية، ستخطف الأنظار اليوم زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الآتي من العراق في إطار جولة له في المنطقة، يعرض خلالها الموقف الإيراني من التطورات الجارية على مختلف المستويات، وتندرج في إطار "طحشة" ديبلوماسية إيرانية في مواجهة "الطحشة" الأميركية، والتوقعات بعودة واشنطن وطهران إلى طاولة المفاوضات في وقت ليس ببعيد.
وتكتسب زيارة لاريجاني للبنان هذه المرّة أهمية كبيرة، خصوصاً انّها تأتي بعد تولّيه منصبه الجديد، وكذلك بعد صدور قرار مجلس الوزراء اللبناني بنزع سلاح "حزب الله"، والذي أعلنت طهران بلسان أكثر من مسؤول رفضها له.
وقالت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية"، انّ ملف السلاح سيكون من بين مواضيع البحث بين لاريجاني والرؤساء الثلاثة وقيادة "حزب الله". واكّدت هذه المصادر، انّ إيران وبعد الحروب الأخيرة في لبنان والمنطقة، خرجت من المعادلات التي تعاملت بها قبل هذه الحروب إلى معادلات جديدة ستعمل بها بعد الحرب الأميركية ـ الإسرائيلية التي شُنّت عليها.
وعشية وصول لاريجاني، كتب السفير الإيراني لدى لبنان مجتب? اماني على منصة "إكس": "بعد ساعات قليلة، يصل إلى بيروت معالي الدكتور علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في زيارة تأتي في مرحلة مصيرية من تاريخ لبنان... حيث سيزور المسؤولين اللبنانيين الكبار ويلتقي بنخبة من الشخصيات السياسية والفكرية، في لقاءات صريحة يعبّر فيها عن وجهة نظر إيران ورؤيتها. وأنا على يقين بأنّ نتائج هذه المحادثات ستصبّ في مصلحة البلدين وأمنهما واستقرارهما".
مناخات الاحتقان
وتوقفت مصادر سياسية عند مناخات الاحتقان التي ترافق زيارة لاريجاني لبيروت اليوم، وجولته على أركان الحكم، خصوصاً أنّها أعقبت سلسلة المواقف الصادرة في طهران، والتي تنتقد بشدة قرار الحكومة اللبنانية سحب سلاح "حزب الله"، وتعلن أنّ هذا القرار لن يجد سبيلاً إلى التطبيق.
وقالت هذه المصادر لـ"الجمهورية"، إنّ "حزب الله" لن يفوّت فرصة الزيارة لتدعيم موقفه الرافض تسليم السلاح. وقد أعدّ لهذه الغاية سلسلة تحركات شعبية تواكب وصول الضيف الإيراني ومحادثاته في بيروت.
وتتردد في الأوساط القريبة من "الحزب" اعتراضات على تعاطي لبنان الرسمي، وخصوصاً وزارة خارجيته، بطريقتين مختلفتين مع الموفدين الأجانب. ففيما يتمّ الترحيب الحار بالموفد الأميركي توم برّاك ويتمّ تبنّي ورقته السياسية بالكامل، يجري التهجّم على الموفد الإيراني، ولو أنّه لم يفعل شيئاً سوى التعبير عن الموقف المبدئي.
إعادة ترتيب الأولويات
في هذه الأثناء، وانتظاراً لوضع قيادة الجيش الخطة التنفيذية لقرار مجلس الوزراء في شأن حصرية السلاح بيد الدولة، علمت "الجمهورية" انّ مشاورات حثيثة تجري بعيداً من الاضواء لإيجاد المخارج اللازمة التي تعيد ترتيب الأولويات في هذا الصدد، بما يؤدي إلى عبور آمن لهذا الاستحقاق، عبر الدفع في اتجاه أولوية إلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار والانسحاب إلى خلف الحدود اللبنانية. وفي هذا الإطار جاء استقبال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس لقائد الجيش العماد رودولف هيكل. وذكرت قناة "الجديد"، أنَّ اللقاءَ "كان لقاءَ مصارَحَةٍ أَبلغ فيه بري إلى هيكل موقفَ الثنائيِّ الشيعي المعلَن من السلاح وعدمِ التصادمِ معَ الجيش.
من جهته حَرِصَ قائدُ الجيش على الالتزامِ بقرارِ مجلس الوزراء بالتزامنِ معَ الحِرصِ الشديد على السِّلم الأهلي ونَأيِ المؤسسةِ العسكرية عن الاصطدامِ معَ الحزبِ وبيئتِه". وأضافت القناة، انّ "تنسيقُ "الثنائي" سالِكٌ على الخَطَّين معَ قيادةِ الجيش ورئيسِ الحكومة لمعالجة أزمةِ السلاح بعيداً من التصعيد، فيما الطريقُ مقطوعةٌ بين حارة حريك وبعبدا، في حين تَركت عين التينة البابَ موارِباً، واستَقبَلت موفدَ رئيسِ الجمهورية أندريه رحال، وحمّلَ وبلهجةٍ حادة رئيسَ الجمهورية وفريقَه مسؤوليةَ الانقلابِ على وعودِه للثنائي قبل جلسةِ إقرارِ حصريةِ السلاح".
درء المخاطر
وكان قائد الجيش تفقّد أمس قيادة فوج الهندسة في الوروار، حيث التقى الضباط والعسكريين وقدّم لهم التعازي برفاقهم الشهداء الذين سقطوا نتيجة انفجار أثناء الكشف على مخزن أسلحة وذخائر في وادي زبقين - صور. وأكّد "أنّ التضحيات الغالية للشهداء، بما تمثله من إخلاص وتفانٍ في سبيل الواجب، تساهم في درء المخاطر المحدقة بلبنان وصون وحدته وأمنه وسلمه الأهلي، وتثبت التزام الجيش بحماية الوطن"، لافتًا إلى "أنّ المؤسسة العسكرية التي تحظى بثقة اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم، ستواصل أداء مهمّاتها مهما بلغت الصعوبات". وتوجّه إلى العسكريين بالقول: "بفضل جهودكم وتضحياتكم، سيبقى الجيش صمام الأمان لوطننا رغم التحدّيات الكبيرة. لن نتوانى عن تحمّل مسؤولياتنا الوطنية بكل عزيمة وإصرار".
التعلّم من التجارب
وفي غضون ذلك، قال رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس، "انّ التحدّيات الراهنة في المنطقة لا تُواجه الّا بوحدتنا شئنا ذلك أم أبينا، والاستنجاد بالخارج ضدّ الآخر في الداخل امر غير مقبول، وهو أضرّ بالوطن، وعلينا ان نتعلّم من تجارب الماضي ونستخلص عبره". وشدّد على "انّ الإصلاحات بدأت وقوانين عدة أُقرّت، والمسائل المهمّة سلكت في طريقها الصحيح، والملفات المطروحة سنعمل على معالجتها بتروٍ وحوار لإيجاد الحلول المناسبة". وقال: "على اللبنانيين أن يضعوا مصلحة لبنان سقفاً يتحركون تحته، إذ ان لا شيء يعلو فوق المصلحة الوطنية العليا، وعلينا عدم إضاعة الفرص المتوافرة راهناً، والاستفادة من الثقة العربية والدولية بلبنان، والتي تجدّدت خلال الأشهر الماضية ونلمسها خصوصاً في زياراتنا إلى الخارج ولقاءاتنا مع قادة الدول التي زرناها".
وختم الرئيس عون: "لقد اتخذنا قرارنا وهو الذهاب نحو الدولة وحدها، ونحن ماضون في تنفيذ هذا القرار". وأشار ايضاً إلى "أننا نعمل على بناء الثقة بين الشعب اللبناني والدولة، كما بين الدولة والخارج، بهدف وضع الدولة على السكة الصحيحة"، وأضاف: "في محاربة الفساد لا خيمة فوق رأس أحد، لقد سقطت كل المحرّمات في هذا السياق، والقرار اتخذ".
مجلس الوزراء
وعشية جلسة مجلس الوزراء العادية، استقبل بري وزير العمل محمد حيدر، الذي اطلعه على نتائج زيارته للعراق ولقاءاته مع رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وقال انّه "كان هناك تجاوب تام من رئيس الحكومة العراقية، أولًا المساعدة على إعادة الترميم بأسرع وقت، خصوصاً في المناطق الوسطى والضاحية والبقاع. وأعطى القرار للجنة لكي تزور لبنان والبدء بتنفيذ هذا الامر للمساهمة بإعادة الإعمار خصوصاً في المناطق المتضررة بشكل جزئي".
واضاف حيدر: "تمّ البحث مع دولة الرئيس بري في الأوضاع السياسية الراهنة، وإستطلعنا رأيه في المرحلتين الحالية والمقبلة، وتمّ الاتفاق على التواصل في شكل كامل للبحث في هذا الامر في شكل عميق، وأؤكّد أنّ جميع الوزراء سيشاركون غداً (اليوم) في جلسة مجلس الوزراء لمناقشة البنود الموضوعة على جدول الاعمال".
"عازمون"
إلى ذلك، قال رئيس الحكومة نواف سلام لوفد "المؤسسة المارونية للانتشار" الذي زاره امس "انّ لبنان اليوم ليس في الموقع الذي نريده. نحن نواجه تحدّيات سياسية وصعوبات اقتصادية، وتبعات سنوات من عدم الاستقرار. لكن نحن عازمون كحكومة وشعب على إعادة البناء. وهذا لا يتحقق إلاّ عبر أجندة إصلاحية طموحة، والعمل على أن تحتكر الدولة وحدها حق امتلاك السلاح، وهو مسار بدأنا به". وأضاف: "نحن نضع أسساً مختلفة ترتكز على دولة محترمة ذات سيادة، تخدم جميع مواطنيها أينما كانوا. وهذا يعني إعادة بناء ليس فقط للبنى التحتية والمؤسسات، بل أيضاً لإعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها، والثقة بين اللبنانيين في الداخل وفي الاغتراب".
وخاطب سلام الوفد قائلاً: "إننا سنواصل العمل عبر الإصلاح والمساءلة وإعادة البناء، لنجعل من لبنان وطناً يليق بفخركم، ووطناً يظل دائماً مستعداً لاستقبالكم، لا كضيوف، بل كشركاء في مسيرته نحو المستقبل".
مواقف
وفي المواقف، أكّد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في كلمة له أمس، أنّ "أي سلاح خارج إطار الدولة اللبنانية يُعدّ غير شرعي، سواء كان في يد تنظيمات لبنانية أو غير لبنانية، باستثناء حالتي الدفاع عن النفس وتحرير الأرض، وبشرط أن يكون ذلك بإذن من الدولة وفقًا لدستورها وقوانينها". وذكّر بأنّ "هذا الإطار القانوني كان قائمًا منذ عام 1990 وحتى عام 2025". وأضاف: "إنّ "التيار الوطني الحر" يتبنّى موقفًا واضحًا يؤكّد حتميّة حصر السلاح ومرجعيته بالدولة دون سواها، حيث لا مكان للشراكة أو الإشراك في هذا المجال".
وفي ما يخصّ "اتفاق الطائف" اعتبر باسيل أنّ "موقف "التيار" ينطلق منه في اعتباره نصّ صراحةً على حلّ جميع الميليشيات"، مؤكّدًا أن هذا البند لم يُنفّذ بالكامل، حيث جرى التغاضي عن سلاح "المقاومة"، كما عن بنود أخرى، أبرزها اللامركزية، إلغاء الطائفية، وإنشاء مجلس الشيوخ. ولفت إلى أنّ الحكومات المتعاقبة قد قامت بـ"شرعنة" هذا السلاح، لكنه شدّد على أنّ الوقت قد حان لتطبيق كافة بنود الطائف بشكل متوازن.
ورأى باسيل أنّ وظيفة سلاح "حزب الله" الردعية قد سقطت نتيجة ما وصفه بـ"المشاركة الأحادية في حرب الإسناد"، معتبراً "أنّ سحب هذا السلاح يجب أن يكون مقابل أثمان سياسية تُدفع للدولة اللبنانية، من أبرزها: الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة حديثًا، استعادة الأسرى، وقف الاعتداءات على لبنان، تحرير ما تبقّى من الأرض، إعادة إعمار ما دمّرته الحرب، العودة الفورية للنازحين السوريين، حلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين، وضمان حق لبنان الكامل في استثمار ثرواته الطبيعية".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا